تذييل: قد بان لك بالتأمّل كون التصحيف في المقام أعمّ من التحريف. وفرّق بعضهم بينهما ، فخصّ اسم المصحّف بما غيّر فيه النقط، وما غيّر فيه الشكل مع بقاء الحروف سمّاه بالمحرّف، وهو أوفق. ۱
إلى غير ذلك من العبارات. وبما ذكرناه يتّضح لك الاختلاف الواضح في المائز بين التصحيف والتحريف.
والذي أراه أنّ جوهر الفرق بينهما هو أنّ التحريف تغيير المعنى عمداً، والتصحيف تغيير الكلمة خطأً، وهذا ما يمكن استشمامه من المعنى اللغوي للكلمتين ، حيث تقدّم في معناهما: «التصحيف: الخطأ في الصحيفة» ، و«تحريف الكلم عن مواضعه: تغييره. والتحريف في القرآن والكلمة: تغيير الحرف عن معناه والكلمة عن معناها». حيث إنّ التغيير في الأوّل ناشئ عن خطأ، وفي الثاني عن قصد، ولهذا ذمّ القرآن اليهود على فعلهم؛ ولو كان تغييرهم للكلم خطأ لما ذمّهم الباري هذا الذمّ ۲ كما هو واضح.
نعم تحريف المعنى قد يقترن بتغيير اللفظ أيضاً ، كما فعله بعض المبغضين والمعادين لأهل البيت عليهم السلام ، وقد يكون بحمل اللفظ على غير معناه من دون تغييره ، كما فعله اليهود وذمّهم القرآن.
ويؤكّد هذا المعنى ما ورد في كتاب دراية الحديث، حيث كتب بعد نقله عبارة «الرعاية» وأنّ التصحيف يكون في اللفظ وفي المعنى:
وتقسيمه قدسسره التصحيف إلى اللفظي والمعنوي لا محصّل له؛ فإنّ كلّاً من التصحيف والتحريف يشتركان في معنى التغيير، ويختلفان في أنّ التصحيف ما يحتمله اللفظ ورسم الخطّ في التغيير سهواً، والتحريف ما لا