29
التّصحيف في متن الحديث

وروايتها بسبب تشابه الحروف، وهذا الخطأ لا يختصّ بنصوص معيّنة كالنصوص الدينية مثلاً، وإنّما يمكن وقوعه في جميع النصوص.
من هنا نجد الأُدباء والمحدّثين قد كتبوا في التصحيفات منذ قديم الأيّام ۱ ، وإليك بعض ما كُتب في تصحيف الحديث:
1. إصلاح الغلط الواقع في غريب الحديث لأبي عبيد ، لابن قتيبة عبد اللّه‏ بن مسلم الدينوري ( ت 276 ه ) ۲ .
2. الردّ على أبي عبيد في غريب الحديث ، لأبي سعيد المكفوف ( ت 282 ه ) ۳ .
3. تصحيفات المحدّثين، لأبي أحمد الحسن بن عبداللّه‏ بن سعيد العسكري ۴ ( ت 382 ه ). وله كتابان آخران هما:
4. شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف.
5 . أخبار المصحّفين.

1.كتب حاجي خليفة قائلاً: «علم التصحيف: وهذا من أنواع علم البديع حقيقة، لكنّ بعض الأُدباء أفردوه بالتصنيف وجعلوه من فروعه، وموضوعه الكلمات المصحّفة التي وردت عن البلغاء، وبهذا الاعتبار يكون من فروع المحاضرات، وفائدته وغرضه ومنفعته ظاهرة. قال عبد الرحمن البسطامي: أوّل من تكلّم في التصحيف الإمام عليّ كرّم اللّه‏ وجهه، ومن كلامه في ذلك «خراب البصرة بالريح» بالراء والحاء المهملتين بينهما آخر الحروف. قال الحافظ الذهبي: ما عُلم تصحيف هذه الكلمة إلّا بعد المئتين من الهجرة؛ يعنى خراب البصرة بالزنج، بالزاي والنون والجيم» (كشف الظنون: ج ۱ ص ۴۱۱). ونقرأ في مقدّمة كتاب تصحيفات المحدّثين: «قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث (ج ۳ ص ۶۷): وأمّا أبو أحمد العسكري فله في التصحيف عدّة كتب، أكبرها لسائر ما يقع فيه التصحيف من الأسماء والألفاظ، غير مقتصر على الحديث، ثمّ أفرد منه كتاباً يتعلّق بأهل الأدب، وهو ما يقع فيه التصحيف من ألفاظ اللغة والشعر وأسماء الشعراء أو الفرسان، وأخبار العرب وأيّامها ووقائعها وأماكنها وأنسابها، ثمّ آخر فيما يختصّ بالمحدّثين من ذلك، غير متقيّد بما وقع فيه التصحيف فقط، بل ذكر فيه ما هو معرض لذلك» (تصحيفات المحدّثين: ج ۱ ص ۳۰).

2.أشار اليه ابن قتيبة في غريب الحديث : ج۱ ص۳۵۰ ، ونسبه إليه ابن النديم في الفهرست : ص۱۲۹.

3.قال إسماعيل باشا في ترجمته: «الحسن بن عبد اللّه‏ بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري (عسكر مكرم مدينة بأهواز)، أبو أحمد البغدادي اللغوي، ولد سنة ۲۹۳ ه ، وتوفّي سنة ۳۸۲ ه ، صنّف من الكتب الحكم والأمثال، راحة الأرواح، الزواجر، صناعتي النظم والنثر، كتاب التصحيف...» هدية العارفين: ج ۱ ص۲۷۲ .

4.نسبه إليه العسكري في تصحيفات المحدّثين، ويعدّ من مصادره.


التّصحيف في متن الحديث
28

في الكتب (التي هي المصادر الأصلية للحديث) فإنّ سيرة محدّثينا رضوان اللّه‏ تعالى عليهم هي الحفاظ على حدوده اللفظية وعدم تجاوزها. بل إنّ قدماء فقهائنا رضوان اللّه‏ عليهم أجمعين كانوا لا يتجاوزون نصوص الأحاديث في كتبهم الفقهية فضلاً عن الحديثية، نظير ما نجده في الكتب الفقهية التالية: المقنع للشيخ الصدوق، والنهاية للشيخ الطوسي، وفقه الرضا ، وغيرها.
وأمّا ما يمكننا من خلاله التمييز بين التصحيف والنقل بالمعنى فهو ما يلي:
1. وحدة الراوي للحديث بنسختيه؛ إذ مع تعدّد الراوي يحتمل النقل بالمعنى.
2. وحدة ألفاظ بقيّة الحديث بنسختيه؛ إذ مع تعدّد ألفاظهما يبعد احتمال التصحيف ويقوى احتمال النقل بالمعنى.
ولهذا فإنّنا حاولنا أن نراعي كلا الجانبين في استعراض النماذج المختارة، وبهدف إبراز هذين الجانبين نقلنا النصوص بأسانيدها (إن كانت مسندة)، كما حاولنا نقل جميع الرواية مع قصرها، أو نقل المقدار الذي يتّضح من خلاله وحدة عبارات النقلين وعدم كون أحدهما من النقل بالمعنى إن كانت الرواية طويلة.
ويمكن إضافة النقطة التالية أيضاً:
3. النقل بالمعنى إنّما يكون مع تعدّد مصدر نسختي الرواية، وأمّا مع اتّحاد المصدر المروي عنه فلا يتصوّر النقل بالمعنى فيما لو كانت الرواية واحدة.
ولهذا ركّزنا الأضواء على وحدة المصدر المروي عنه فيما لو كان واحداً؛ لبيان أنّه من التصحيف لا من النقل بالمعنى.

4. تاريخ الكتابة في التصحيفات

إذا ما راجعنا التأريخ وجدنا أنّ التصحيف ظاهرة قديمة تخيّم بظلّها على جميع أنواع النصوص، دينية كانت أم غيرها، شعراً كانت أم نثراً، ولا تخصّ متناً دون آخر؛ وسرّه واضح ممّا تقدّم في المعنى اللغوي، وهو أنّ التصحيف خطأ في قراءة الصحيفة

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 253014
صفحه از 277
پرینت  ارسال به