في الكتب (التي هي المصادر الأصلية للحديث) فإنّ سيرة محدّثينا رضوان اللّه تعالى عليهم هي الحفاظ على حدوده اللفظية وعدم تجاوزها. بل إنّ قدماء فقهائنا رضوان اللّه عليهم أجمعين كانوا لا يتجاوزون نصوص الأحاديث في كتبهم الفقهية فضلاً عن الحديثية، نظير ما نجده في الكتب الفقهية التالية: المقنع للشيخ الصدوق، والنهاية للشيخ الطوسي، وفقه الرضا ، وغيرها.
وأمّا ما يمكننا من خلاله التمييز بين التصحيف والنقل بالمعنى فهو ما يلي:
1. وحدة الراوي للحديث بنسختيه؛ إذ مع تعدّد الراوي يحتمل النقل بالمعنى.
2. وحدة ألفاظ بقيّة الحديث بنسختيه؛ إذ مع تعدّد ألفاظهما يبعد احتمال التصحيف ويقوى احتمال النقل بالمعنى.
ولهذا فإنّنا حاولنا أن نراعي كلا الجانبين في استعراض النماذج المختارة، وبهدف إبراز هذين الجانبين نقلنا النصوص بأسانيدها (إن كانت مسندة)، كما حاولنا نقل جميع الرواية مع قصرها، أو نقل المقدار الذي يتّضح من خلاله وحدة عبارات النقلين وعدم كون أحدهما من النقل بالمعنى إن كانت الرواية طويلة.
ويمكن إضافة النقطة التالية أيضاً:
3. النقل بالمعنى إنّما يكون مع تعدّد مصدر نسختي الرواية، وأمّا مع اتّحاد المصدر المروي عنه فلا يتصوّر النقل بالمعنى فيما لو كانت الرواية واحدة.
ولهذا ركّزنا الأضواء على وحدة المصدر المروي عنه فيما لو كان واحداً؛ لبيان أنّه من التصحيف لا من النقل بالمعنى.
4. تاريخ الكتابة في التصحيفات
إذا ما راجعنا التأريخ وجدنا أنّ التصحيف ظاهرة قديمة تخيّم بظلّها على جميع أنواع النصوص، دينية كانت أم غيرها، شعراً كانت أم نثراً، ولا تخصّ متناً دون آخر؛ وسرّه واضح ممّا تقدّم في المعنى اللغوي، وهو أنّ التصحيف خطأ في قراءة الصحيفة