الفصل الثاني: آثار التصحيف
لمّا كان للحديث دور فاعل في العلوم والمعارف الإسلامية على اختلاف مراتبها، بل يلعب دوراً هامّاً في تعيين الوظائف العملية للمسلم؛ باعتباره أحد المصادر التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية، كان لسلامة النصّ أهمّية بالغة. ولهذا فلو تعرّض الحديث للتصحيف فلا محالة في أنّه سيترك أثاراً سيّئة على الموضوع الوارد بشأنه؛ فقهاً كان أم غيره.
نعم، ليست جميع آثار التصحيف بمنزلة واحدة، وإنّما تختلف بحسباللحاظين التاليين:
1. سعة نطاق الأثر وشموله للأحاديث المختلفة.
2. أهمّية الموضوع الذي ورد الحديث بشأنه.
فبعض الآثار لها نطاق أوسع من غيرها؛ كالفهم الخاطئ للحديث، فإنّه يشمل جميع الأحاديث الواردة في جميع المجالات، ولا يخصّ مجالاً دون آخر. في حين أنّ البعض له تأثير في مجال معيّن، إلّا أنّ موضوعه ذا أهمّية بالغة؛ كتأثير التصحيف على الفتوى، فإنّ نطاقه وإن كان ضيّقاً ، إلّا أنّه حسّاس وهامّ ؛ باعتبار تعيينه لوظيفة المكلّف العملية.
وما سأستعرضه في هذا الفصل إنّما هو نماذج لهذه الآثار، عثرت عليها أثناء مطالعاتي في الحديث، ولا أدّعي انحصارها فيها، إذ قد تكون للتصحيف آثاراً في نطاقات أُخرى أيضاً. وسأذكرها ضمن قسمين رئيسيين هما: ما يرجع إلى المعنى، وما يرجع إلى اللفظ. أمّا الأوّل فله أقسام عديدة تأتي تباعاً. وأمّا ما يرجع إلى اللفظ فلم أعثر له إلّا على أثرٍ واحد، وهو التصحيح القياسي للنصوص.