47
التّصحيف في متن الحديث

ولهذا فإنّنا نعتقد أنّ أحد الحديثين مصحّف عن الآخر، وينبغي مراجعته في المصادر الحديثية الأُخرى، وبمراجعته فيها نجده في تهذيب الأحكام كالتالي:

۱۵.۳) عَنهُ، عَن مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ، عَن مُصعَبِ بنِ سَلّامٍ التَّميميِّ، عَن سَعدِ بنِ طَريفٍ، عَن أَبي جَعفَرٍ عليه ‏السلام قالَ: مَن أَذَّنَ عَشَرَ سِنينَ مُحتَسِباً، يَغفِرُ اللّه‏ُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَصَوتِهِ في السَّماءِ، وَيُصَدِّقُهُ كُلُّ رَطبٍ وَيابِسٍ سَمِعَهُ، وَلَهُ مِن كُلِّ مَن يُصَلّي مَعَهُ في مَسجِدِهِ سَهمٌ، وَلَهُ مِن كُلِّ مَن يُصَلّي بِصَوتِهِ حَسَنَةٌ. ۱

۱۶.۴) وقال الشيخ الصدوق في كتاب المقنع۲: وَمَن أَذَّنَ عَشرَ سِنينَ مُحتَسِباً، غَفَرَ اللّه‏ُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَمَدَّ صَوتِهِ في السَّماءِ، وَيُصَدِّقُهُ كُلُّ رَطبٍ وَيابِسٍ سَمِعَهُ، وَلَهُ مِن كُلِّ مَن يُصَلّي مَعَهُ سَهمٌ، وَلَهُ مِن كُلِّ مَن يُصَلّي بِصَوتِهِ حَسَنَةٌ. ۳

وبه يتّضح أنّ الرواية مروية في كتب حديثية عديدة هكذا «...عَشرَ سِنينَ...»، وأنّ النصّ الآخر من التصحيف في النقل، وهو ما سبّب اختلاف الحديث.

النموذج الثاني:

۱۷.۱) في الكافي والتهذيب: ابنُ مَحبوبٍ، عَن أَبي أَيّوبَ، عَنِ الحَلَبيِّ وَأَبي عُبَيدَةَ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، قالَ: سُئِلَ عَن رَجُلٍ قَتَلَ امرَأَةً خَطأً وَهيَ عَلى رأَسِ الوَلَدِ تَمخَضُ، قالَ: عَلَيهِ الدِّيَةُ؛ خَمسَةُ آلافِ دِرهَمٍ، وَعَلَيهِ لِلَّذي في بَطنِها غُرَّةٌ وَصيفٌ أَو وَصيفَةٌ، أَوأَر بَعونَ ديناراً. ۴

1.تهذيب الأحكام: ج ۲ ص ۲۸۴ ح ۳۳، روضة الواعظين: ج ۲ ص ۳۱۲ نحوه، الخصال: ص ۴۴۸، بحار الأنوار: ج ۸۱ ص ۱۰۴ ح ۱ نقلاً عن الخصال.

2.هو من كتب الفقه المأثورة التي تعكس بعباراتها متون الحديث الشريف .

3.مستدرك الوسائل : ج ۴ ص ۲۳ ح ۴۰۸۳.

4.الكافي: ج ۷ ص ۲۹۹ ح ۵، تهذيب الأحكام: ج ۱۰ ص ۱۸۵ ح ۲۲.


التّصحيف في متن الحديث
46

ثمّ البحث عن وجه الجمع بينهما؛ إذ قد يكون منشأ الاختلاف هو الاشتباه والتصحيف في أحد النصّين. وإذا ما دقّقنا النظر في الحديثين لاحظنا ما يلي:
1. إنّ الراوي لهما هو الشيخ الصدوق قدس‏سره ، لكن روى كلّاً منهما في كتاب من كتبه ولم ينقلهما معاً في كتاب واحد.
2. اتّحاد راويهما وهو «سعد بن طريف»، بل اتّحاد المقطع الأخير من سندهما وهو: «محمّد بن عليّ ، عن مصعب بن سلام التيمي (التميمي) ، عن سعد بن ظريف ، عن أبي جعفر عليه ‏السلام ».
3. اتّحاد الإمام المروي عنه وهو «أبو جعفر عليه ‏السلام ».
4. اتّحاد عبارة الحديثين إلّا في الفقرة: «عِشرينَ سَنَةً» و«عَشرَ سِنينَ».
فهذه جملة اُمور كاشفة عن اتّحاد الروايتين ووقوع التصحيف في إحداهما فيما بعد؛ إذ من البعيد أن يتكلّم الإمام الواحد لشخص واحد عن موضوع واحد وبلفظ واحد مرّتين، ويذكر له ثواب الأذان عشر سنين تارة، عشرين سنة أُخرى، مع استخدام نفس الألفاظ ونفس العبارة كلتا المرّتين، وتعدّد الثواب المذكور لفعل واحد دون بيان سبب ذلك، مع أنّ الأمر لو كان كذلك لكان مثاراً لسؤال الراوي عن منشأ اختلاف الثواب وهل أنّه بسبب اختلاف مراتب المؤذّنين، أم غيره، لكنّنا لا نجد تساؤلاً منه عن ذلك. مع أنّه لو كان مراد الإمام بيان اختلاف مراتب الأجر والثواب بحسب مراتب المؤذّنين مثلاً ، فهو ممكن دون الحاجة لتكرار نفس العبارة، خصوصاً وأنّ المخاطب بالكلام شخص واحد وهو «سعد بن طريف».
مضافاً إلى ذلك كلّه فإنّ هذا المضمون لم يُنقل إلّا عن «سعد بن طريف»، وهو ممّا يقوّي احتمال اتّحاد الروايتين في الأصل، ووقوع الخلل في نقلهما فيما بعد؛ إذ لو كان الموضوع المذكور في الحديث ذا أهمّية بالغة والإمام يتحدّث عنه في أكثر من مقام ليبيّن فضل المؤذّنين، لتكلّم به أمام أشخاص آخرين أيضاً، ولنُقل إلينا من طريق آخر، مع أنّنا لا نجد هذا المضمون في كتبنا الحديثية إلّا عن هذا الشخص.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251856
صفحه از 277
پرینت  ارسال به