49
التّصحيف في متن الحديث

مروي في المصادر الحديثية المعتبرة كالكافي وتهذيب الأحكام؛ نظير الروايات التالية:

۱۹.الحُسَينُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن مُعَلّى بنِ مُحَمَّدٍ، عَن عَليِّ بنِ أَسباطٍ قال: رَأَيتُ أَبا جَعفَرٍ عليه ‏السلام وَقَد خَرَجَ عَلَيَّ، فَأَخَذتُ النَّظَرَ إِلَيهِ، وَجَعَلتُ أَنظُرُ إِلى رَأَسِهِ وَرِجلَيهِ؛ لأَصِفَ قامَتَهُ لأَصحابِنا بِمِصرَ، فَبَينا أَنا كَذَلِكَ حَتّى قَعَدَ فَقالَ: يا عَليُّ، إِنَّ اللّه‏َ احتَجَّ في الإِمامَةِ بِمِثلِ ما احتَجَّ بِهِ في النُّبوَّةِ، فَقالَ: « وَ ءَاتَيْنَـهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » ، ( ولمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )، فَقَد يَجوزُ أَن يُؤتى الحِكمَةَ وَهوَ صَبيٌّ، وَيَجوزُ أَن يُؤتاها وَهوَ ابنُ أَربَعينَ سَنَةً ۱
. ۲

فلا نجد آية في القرآن الكريم بالنصّ التالي: (وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَر بَعينَ سَنَةً)، وإنّما الموجود فيه هو الآيتان التاليتان:
قوله تعالى: « حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » . ۳
وقوله تعالى: « وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَ عِلْمًا وَ كَذَ لِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ » . ۴

20. وفي تهذيب الأحكام: وَعَنهُ، عَن عَبدِ الرَّحمنِ، عَن حَمّادِ بنِ عيسى قالَ:

1.الكافي: ج ۱ ص ۳۸۴ ح ۷.

2.قد يقال: إنّ قوله تعالى: «وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ . وَبَلَغَ أَربَعينَ سَنَةً» في الرواية المذكورة ليس آية واحدة، وإنّما هو مقطعان من آيتين؛ أحدهما قوله تعالى: «وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ» ، والآخر قوله تعالى: «بَلَغَ أَربَعينَ سَنَةً» ، وأنّ الواو الواردة بينهما عاطفة . فيقال: إنّ قول الإمام عليه ‏السلام : «فَقَد يَجوزُ أَن يُؤتى الحِكمَةَ وَهوَ صَبيٌّ، وَيَجوزُ أَن يُؤتاها وَهوَ ابنُ أَربَعينَ سَنَةً» شاهد على خلاف ذلك؛ لأنّ الإمام ذكر أمرين بالاستناد إلى القرآن الكريم، فإن كان الأمر كما ذُكر لزم أن يكون المقطع «وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ» لغواً وغير مناسب للاستدلال، ولم يكن له محلّ من الكلام .

3.الأحقاف: ۱۵ .

4.القصص: ۱۴ .


التّصحيف في متن الحديث
48

۱۸.۲) وفي الاستبصار: مُحَمَّدُبنُ عَليِّبنِ مَحبوبٍ، عَن‏أَحمَدَبنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحَسَنِ‏بنِ مَحبوبٍ، عَن أَبي أَيّوبَ، عَن أَبي عُبَيدَةَ وَالحَلَبيِّ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، قالَ: سُئِلَ عَن رَجُلٍ قَتَلَ امرَأَةً خَطأً وَهيَ عَلى رَأسِ الوَلَدِ تَمخَضُ، قالَ: عَلَيهِ خَمسُمِئَةِ أَلفِ دِرهَمٍ، وَعَلَيهِ دِيَةُ الَّذي في بَطنِها غُرَّةٌ وَصيفٌ، أَو وَصيفَةٌ، أَو أَربَعونَ دِيناراً. ۱

فإنّ منشأ اختلاف هذين الحديثين هو وقوع التصحيف في الحديث الثاني، حيث إنّ الدية الكاملة عشرة آلاف درهم، فكيف يجب عليه دفع خمسمئة ألف درهم. وبمعرفة التصحيف وعلاجه يرتفع التنافي بينهما دون الحاجة لتعسّف وجه للجمع بينهما.

د ـ النسب الباطلة للمذهب

منذ قديم الأيّام وإلى عصرنا الحاضر يواجه مذهب أهل البيت عليهم ‏السلام هجمات عنيفة ومتنوّعة من قبل الأعداء، من الهجوم السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي وغيرها، لكنّ الهجمات الثقافية لها محلّ الصدارة بين هذه الهجمات، فلولا الجانب الثقافي فإنّ الهجمات الأُخرى لا تؤثّر أثرها؛ فلم يكن باستطاعة معاوية في حرب صفّين مواجهة أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين وأوّل المؤمنين، ومن نزلت فيه صريح الآيات، ومن قال فيه رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ما قال، إلّا من خلال بثّ الدعايات وطرح الشبهات وتمويه الحقائق وتشويهها، وإلّا فإنّ معاوية أقلّ قدراً من أن يضاهي هذا الجبل الأشمّ فضلاً وشرفاً ونسباً وعلماً وعملاً ومنزلةً عند رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله .
وفي طليعة الشبهات التي أُثيرت ضدّ الشيعة هي قولهم بتحريف القرآن الكريم، مستندين في ذلك إلى بعض الروايات المروية في الكتب الحديثية ۲ ، بل إنّ بعضها

1.الاستبصار: ج ۴ ص ۳۰۱ ح ۸ .

2.شبهة تحريف القرآن تستند إلى العديد من الروايات المروية في كتبنا الحديثية، ومنها الكافي، وقد قمت بدراسة مفصّلة لما روي منها في كتاب الكافي ضمن مقال يحمل عنوان «صيانة القرآن بين الخفاء والجلاء»، وقد نُشر هذا المقال في مؤتمر تكريم الشيخ الكليني قدس‏سره، وقد أوضحنا فيه أنّ الروايات المشار إليها على طوائف عديدة، أحدها يوهم التحريف بسبب التصحيف، فمن أراد الاستزادة فليراجع المقال المذكور ضمن مجموعة مقالات المؤتمر الدولي للشيخ ثقة الإسلام الكليني: ج ۱ ص ۲۹۷ ـ ۳۶۶.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251835
صفحه از 277
پرینت  ارسال به