51
التّصحيف في متن الحديث

قيل في جوابه: إنّ الذي يشهد لاتّحاد الروايتين أُمور عديدة هي:
1. اتّحاد الإمام الذي رويت عنه الرواية، وهو الإمام الباقر عليه ‏السلام .
2. إنّ الراوي الأخير في كلتا الروايتين هو «علي بن أسباط»، فهو رجل واحد، ومن البعيد جدّاً أن يروي مضموناً واحداً عن إمام واحد مرّتين؛ إذ لو كان الموضوع ذا أهمّية بالغة بحيث يتحدّث الإمام به أكثر من مرّة لتحدّث به أمام أفراد آخرين، ولرواه لنا أشخاص آخرون أيضاً، مع أنّنا لا نجده عن أحد سوى هذا الرجل.
3. اتّحاد موضوع الروايتين.
4. اتّحاد عبارات الروايتين.
فالتصحيف والاشتباه إنّما وقع في نقل الرواية فيما بعد، حيث اشتبه الراوي عن علي بن أسباط أو أحد الذين جاؤوا من بعده ، فخلط بين الآيتين التاليتين: « وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ءَاتَيْنَـهُ حُكْمًا وَ عِلْمًا وَ كَذَ لِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ »۱ ؛ و «حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً»۲ بسبب اشتمال كلّ منهما على قوله: « بَلَغَ أَشُدَّهُ » ، فالتشابه بين الآيتين المذكورتين في هذا المقطع سبّب وقوع الراوي في الاشتباه والخلط بينهما. وهذا أمر طبيعي، ولهذا نرى وقوع حفّاظ القرآن الكريم بهذا الاشتباه في المسابقات الدولية فضلاً عن غيرها. هذا ما يتعلّق بالرواية الأُولى.
وأمّا الرواية الثانية فقد وردت في مصادر حديثية عديدة مع أنّ الآية فيها غير محرّفة، نظير ما رواه الشيخ الطوسي نفسه في كتاب تهذيب الأحكام أيضاً، والحميري في قرب الإسناد:

22. العَبّاسُ وَعَليُّ بنُ السِّنديِّ جَميعاً، عَن حَمّادِ بنِ عيسى، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، قالَ: سَمِعتُهُ يَقولُ: قالَ عَليٌّ عليه ‏السلام في قَولِ اللّه‏ِعَزَّ وَجَلَّ: « وَ يَذْكُرُواْ

1.القصص : ۱۴.

2.سوره احقاف ، آيه ۱۵.


التّصحيف في متن الحديث
50

سَمِعتُ أَبا عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام يَقولُ: قالَ أَبي: قالَ عَليٌّ عليه ‏السلام : ( اذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلوماتٍ )، قالَ: قالَ: عَشرُ ذي الحِجَّةِ، وَ « أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ » قالَ: أَيّامُ التَّشريقِ. 1

ولا نجد آية في كتاب اللّه‏ تعالى بهذا النصّ: ( اذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلوماتٍ )، وإنّما الموجود فيه هو قوله تعالى: « يَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ » . ۲
وهاتان الروايتان وأمثالهما إن دلّتا على شيء فإنّما تدلّان على أنّ الشيعة قائلون بتحريف القرآن، وإلّا لما صدر عن أئمّتهم مثل ذلك، أو أنّ أئمّتهم ليسوا بمعصومين، إذ لو كانوا معصومين وكان القرآن مصوناً عن التحريف لما صدر عنهم مثل ذلك.
إلّا أنّنا إذا راجعنا هاتين الروايتين ونظائرهما في مصادر الحديث الأُخرى وقفنا على سبب هذه الشبهة؛ وهو أنّ هذه الروايات تعرّضت للتصحيف، حيث وردت الروايتان المذكورتان من دون اختلاف في الآيتين الواردتين فيهما مع الموجود في القرآن الكريم، فالرواية الأُولى وردت في بصائر الدرجات كالتالي:

۲۱.حَدَّثَنا عَليُّ بنُ إِسماعيلَ عَن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، عَن عَليِّ بنِ أَسباطٍ قال: رَأَيتُ أَبا جَعفَرٍ عليه ‏السلام قَد خَرَجَ عَلَيَّ، فاحدَدتُ النَّظَرَ إِلَيهِ وَإِلى رَأسِهِ وَإِلى رِجلهِ؛ لأَصِفَ قامَتَهُ لأَصحابِنا بِمِصرَ، فَخَرَّ ساجِداً، فَقالَ: إِنَّ اللّه‏َ احتَجَّ في الإِمامَةِ بِمِثلِ ما احتَجَّ في النُّبوَّةِ، قالَ اللّه‏ُ تَعالى: « وَ ءَاتَيْنَـهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وقالَ اللّه‏ُ: « حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » ، فَقَد يَجوزُ أَن يُؤتى الحِكمَةَ وَهوَ صَبيٌّ، وَيَجوزُ أَن يُؤتى وَهوَ ابنُ أَربَعينَ سَنَةً. ۳

إن قيل: ما الدليل على أنّ الرواية المذكورة نفس الرواية السابقة، كي يقال إنّ الرواية السابقة وقع فيها تصحيف والصحيح هو ما ورد في هذه الرواية؟

1.تهذيب الأحكام: ج ۵ ص ۴۴۷ ح ۲۰۴ .

2.الحجّ: ۲۸ .

3.بصائر الدرجات: ص ۲۳۸ ح ۱۰ .

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251819
صفحه از 277
پرینت  ارسال به