سَمِعتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام يَقولُ: قالَ أَبي: قالَ عَليٌّ عليه السلام : ( اذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلوماتٍ )، قالَ: قالَ: عَشرُ ذي الحِجَّةِ، وَ « أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ » قالَ: أَيّامُ التَّشريقِ. 1
ولا نجد آية في كتاب اللّه تعالى بهذا النصّ: ( اذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلوماتٍ )، وإنّما الموجود فيه هو قوله تعالى: « يَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ » . ۲
وهاتان الروايتان وأمثالهما إن دلّتا على شيء فإنّما تدلّان على أنّ الشيعة قائلون بتحريف القرآن، وإلّا لما صدر عن أئمّتهم مثل ذلك، أو أنّ أئمّتهم ليسوا بمعصومين، إذ لو كانوا معصومين وكان القرآن مصوناً عن التحريف لما صدر عنهم مثل ذلك.
إلّا أنّنا إذا راجعنا هاتين الروايتين ونظائرهما في مصادر الحديث الأُخرى وقفنا على سبب هذه الشبهة؛ وهو أنّ هذه الروايات تعرّضت للتصحيف، حيث وردت الروايتان المذكورتان من دون اختلاف في الآيتين الواردتين فيهما مع الموجود في القرآن الكريم، فالرواية الأُولى وردت في بصائر الدرجات كالتالي:
۲۱.حَدَّثَنا عَليُّ بنُ إِسماعيلَ عَن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، عَن عَليِّ بنِ أَسباطٍ قال: رَأَيتُ أَبا جَعفَرٍ عليه السلام قَد خَرَجَ عَلَيَّ، فاحدَدتُ النَّظَرَ إِلَيهِ وَإِلى رَأسِهِ وَإِلى رِجلهِ؛ لأَصِفَ قامَتَهُ لأَصحابِنا بِمِصرَ، فَخَرَّ ساجِداً، فَقالَ: إِنَّ اللّهَ احتَجَّ في الإِمامَةِ بِمِثلِ ما احتَجَّ في النُّبوَّةِ، قالَ اللّهُ تَعالى: « وَ ءَاتَيْنَـهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وقالَ اللّهُ: « حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » ، فَقَد يَجوزُ أَن يُؤتى الحِكمَةَ وَهوَ صَبيٌّ، وَيَجوزُ أَن يُؤتى وَهوَ ابنُ أَربَعينَ سَنَةً. ۳
إن قيل: ما الدليل على أنّ الرواية المذكورة نفس الرواية السابقة، كي يقال إنّ الرواية السابقة وقع فيها تصحيف والصحيح هو ما ورد في هذه الرواية؟