87
التّصحيف في متن الحديث

2. ما يرجع إلى الناسخ

تدوين الكتب ونشرها ليس بالأمر الجديد، إلّا أنّ الذي قد يطرأ عليه التغيير بمرور الزمان هو أُسلوب النشر، فنشر الكتب في زماننا الحاضر يختلف كثيراً عن نشرها قبل قرن أو قرنين، وهكذا. وهذا الاختلاف ناجم عن عددٍ من الأسباب، يمثل في طليعتها وضع المجتمع ثقافياً واقتصادياً، وما يتركانه من أثر على القرطاسية والخطّ المستعمل وما إلى ذلك، مضافاً لدور التقنية الموجودة في ذلك العصر، ومقدار انتفاع الناشر منها. ولهذا نجد اختلاف الكتب جودة ورداءة من بلدٍ إلى آخر، ومن زمان إلى آخر.
النقطة التي نريد الإشارة اليها هنا هي أنّ النشر في الزمان السابق يختلف عمّا عليه اليوم، فنحن إذا أردنا دراسة التصحيف فعلينا أن نأخذ هذا الجانب بنظر الاعتبار؛ لنرى مدى تأثيره عليه. ومن النقاط البارزة في نشر الكتب قديماً هي أنّها لم تكن تُطبع بالمطابع التي نعهدها اليوم ، وإنّما كانت تُكتب بواسطة النسّاخ، ولهذا فإنّ للناسخ دوراً هامّاً في نقل النسخة بصورة صحيحة.
وبما أنّه يمكن وقوع الناسخ في الخطأ والاشتباه ، فلابدّ من دراسة جذور هذه الأخطاء، وقد خصّصنا هذا الباب لدراسة هذه الجذور، والتي جعلناها ضمن ستّة عناوين:

أ ـ زيغ البصر

بصر الناسخ قد يزيغ من كلمة إلى أُخرى ، أو قد يشتبه في قراءة بعض الكلمات فيقدّم حرفاً على آخر ، وبالتالي يكتب كلمة أُخرى غير التي وردت في متن الحديث.
أوّلاً: التصحيف بتقديم حرف على آخر :
سعة اللغة العربية مع قلّة حروفها داعٍ لتأليف كلمات عديدة من حروف متّحدة؛ وذلك بتقديم الحرف على أقرانه؛ نظير: «ملح» و«محل» و«حلم» و«حمل» و«لمح» و«لحم»، وهذه المشتقّات لها معاني صحيحة ومستعملة.
وإذا ما راجعنا حياتنا وجدنا أنّنا قد نرى كلمة معيّنة فنقرأها بشكل آخر لا لعدم


التّصحيف في متن الحديث
86

فصُحّفت كلمة «هوان» ۱ إلى «هو أن» ؛ بسبب تصوّر القارئ أنّها كلمتان، ممّا أدّى إلى غموض معنى النصّ. ۲

النموذج الثالث:

۷۶.۱) في مستدرك الوسائل نقلاً عن السيّد علي بن طاوُس في كتاب المجتنى، نقلاً من كتاب دفع الهموم والأحزان لأحمد بنِ داوُد النعماني، قال: شَكا رَجُلٌ إِلى الحَسَنِ بنِ عَليٍّ عليه ‏السلام جاراً يُؤذيهِ، فَقالَ لَهُ الحَسَنُ عليه ‏السلام : إِذا صَلَّيتَ المَغرِبَ، فَصَلِّ رَكعَتَينِ فَقُل: يا شَديدَ المِحالِ، يا عَزيزاً ذَلَّلتَ بِعِزَّتِكَ جَميعَ ما خَلَقتَ، اكفِني شَرَّ فُلانٍ بِما شِئتَ. قالَ: فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلَمّا كانَ في جَوفِ اللَّيلِ سَمِعَ الصُّراخَ، وَقيلَ: فُلانٌ قَد ماتَ اللَّيلَةَ . ۳

۷۷.۲) وفي بحار الأنوار نقلاً عن كتاب المجتنى: شَكا رَجُلٌ إِلى الحَسَنِ بنِ عَليٍّ عليه ‏السلام جاراً يُؤذيهِ، فَقالَ لَهُ الحَسَنُ عليه ‏السلام : إِذا صَلَّيتَ المَغرِبَ فَصَلِّ رَكعَتَينِ ثُمَّ قُل: يا شَديدَ المِحالِ، يا عَزيز أَذلَلتَ بِعِزَّتِكَ جَميعَ ما خَلَقتَ، اكفِني شَرَّ فُلانٍ بِما شِئتَ. قالَ: فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلَمّا كانَ في جَوفِ اللَّيلِ سَمِعَ صُراخَ، وَقيلَ: فُلانٌ قَد ماتَ اللَّيلَةَ . ۴
فإنّ منشأ التصحيف هو قراءة الألف مع كلمة «ياعزيز» تارة ، ومع «ذللت» أُخرى.

1.أي أنّ الدنيا عنده هيّنة لا قيمة لها.

2.ومن نماذجه الأُخرى ما ورد في برنامج نور الأحاديث۲: لا تبدعنّ واضحةً وَقَد فَعَلتَ الأُمورَ الفاضِحَةَ» غرر الحكم (المطبوع ضمن برنامج نور الأحاديث۲): الرقم ۳۵۴۹. وفي غرر الحكم: «لا تبدِ عَن واضِحَةٍ وَقَد فَعَلتَ الأُمورَ الفاضِحةَ» غرر الحكم: الرقم ۱۰۱۹۳. وسبب هذا التصحيف هو قراءة الكلمتين كلمة واحدة.

3.مستدرك الوسائل: ج ۵ ص ۲۶۰ ح ۵۸۲۶.

4.بحار الأنوار: ج ۸۴ ص ۱۰۳ ح ۲۰، عدّة الداعي: ص ۶۳.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251821
صفحه از 277
پرینت  ارسال به