113
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

الكاملة من دعاء يوم الجمعة : «وإنّما تأنّيتَ بهم ليفيئوا إلى أمرك». ۱ وفي دعاء الحمد : «فلم يَبْتَدِرْنا بعقوبته ، ولم يُعاجِلنا بنقمته ، بل تَأَنّانا برحمته تَكرُّما » ۲ .
وليس في كتب اللغة المشهورة إلّا الاستعمال الثاني ، وذلك أيضا في القاموس والصحاح فحسب . في القاموس : «رجل آنٍ : كثير الحلم . وأني كرضي ، وتأنّى واستأنى : تثبّت» . ۳
وفي الصحاح : «تأنّى في الأمر : ترفق ، وتنظّر . واستأنى : انتظر . والاسم : أناة كقناة . تقول : تأنّيتك حتّى لا أناة بي» . ۴
فتبصّر . وإنّما بسطنا الكلام هذا البسطَ لينفتح أبواب حلّ العبارة ، ولا يُلتزم الجمود والوقوف والاقتصار على ما ذكره مؤلّفوا كتب اللغة بزعم أنّ جميع ما ذكروه مسموعاتهم من البدويّين ، ولم يُدخلوا فيها مستنبطاتهم من الكلام بحسب اقتضاء المقام وسياق العبارة .
وذكر الفاضل المتتبّع صاحب البحار نقلاً عن كتاب بصائر الدرجات خبرا في هذه الحكاية آخره هكذا : «يا عبد اللّه ليلدنّ لك منها غلام خير أهل الأرض» ۵ بالمثنّاة التحتانيّة ؛ فتدبّر تستبصر .
قوله : (وهي تَرْغُو) . [ح ۲ / ۱۲۷۰]
بالغين المعجمة . في القاموس: «رغا البعير : صوّتت فضجّت . وأرغيتها : حملتها عليه». ۶
وفي الصحاح : «الرغاء : صوت ذوات الخفّ . وقد رغا البعير يرغو رغاء : إذا ضجّ» . ۷
وفيه : «الصائت : الصائح . وقد صات الشيء يصوت صوتا ، وكذلك صوّت الإنسان تصويتا» . ۸

1.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۰۴ ، الدعاء ۴۶ .

2.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۸ ، الدعاء ۲۸ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۰۱ (أنى) .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۷۳ (أنا) .

5.بصائر الدرجات ، ص ۳۳۵ ، ح ۸ ، وعنه في بحار الأنوار ، ج ۴۶ ، ص ۹۰ ، ح ۲۰ .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۳۵ (رغا) .

7.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۵۹ (رغا) .

8.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۵۷ (صوت) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
112

بمفعول عامّ أو خاصّ ، كقوله تعالى : «قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ؛ ۱ فإنّ الغرض أنّ العالم ليس كالجاهل ، من غير النظر إلى معلوم عامّ أو خاصّ ، وكقوله : فلان يعطي ، أي يفعل الإعطاء ويُوجد هذه الحقيقة ، ومن هذا الباب قول البحتري :

«شجو حسّاده وغيظ عداهأن يرى مبصر ويسمع واع»۲
أي يكون ذو رؤية وسمْعٍ فيدرك بالبصر محاسن الممدوح والظاهرة ، وبالسمع محامده المنتشرة .
هذا ، فقوله عليه السلام : «لتلدنّ» منزّل منزلة اللازم ، على أنّ الغرض نفي العقم فحسب ، مع ما فيه من التمهيد للاستئناف ، وهو قوله : «منها خير أهل الأرض» ؛ إذ صار المقام مظنّة أن يقال: أيّ غرابة في ولادة امرأة شابّة؟ على أن يكون الاستئناف من الضرب الذي سؤال المقدّر عن غير السبب ، كما في قوله تعالى : «قَالُوا سَلَاما قَالَ سَلَامٌ»۳ .
ومثل هذه التوجيهات وإن كان غيرَ متعارف في محاورات العوامّ ، إلّا أنّ القائل هاهنا مَن كلامُه في البلاغة وحسن التوصيف تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق .
وعلى نسخة المثنّاة من تحت يمكن أن يحمل على أنّ «ولد» هاهنا لازم ، وفاعله «خير أهل الأرض». وهذا وإن لم يذكره أهل اللغة المشهورون ، إلّا أنّ ذلك ليس بمستغرب منهم ، وذلك لأنّ أكثر ما ذكروه ليس إلّا من جهة استفادتهم بكلام من يوثَق بكلامه ، كما يشهد بذلك استشهاد الجوهري في كثير من المعاني بالأشعار ، وكذا الزمخشري في الأساس ، وأكثر المعاني الذي ذكرها ابن أثير في النهاية للأخبار ؛ ومعلوم أنّ اتّكالهم فيها على اقتضاء المقام ، كما لايخفى على الناقد البصير .
والمعاني التي زاد صاحب القاموس على المعاني التي ذكرها الجوهري للموادّ مستنبطاته من استعمالات الفصحاء والعرب الموثوق بهم ، فأيّ استبعاد من أن يطّلع أحد في كلام معتبر دالّ على فائدة على ما لم يطّلع عليه صاحب القاموس ؛ ففي الصحيفة

1.الزمر (۳۹) : ۹ .

2.ديوان البختري ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ ، في قصيدة يمدح المعتزّ باللّه .

3.هود (۱۱) : ۶۹ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65372
صفحه از 688
پرینت  ارسال به