وأمّا عبد اللّه بن جعفر ، فإنّه كان أكبر إخوته بعد إسماعيل ، ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من الأولاد ، وكان متّهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ، وادّعى الإمامة بعد أبيه أبي عبد اللّه ، فاتّبعه جماعة ، ثمّ رجع أكثرهم إلى القول بإمامة موسى عليه السلام لمّا ظهر عندهم براهين إمامته ، ولم يبق على القول بإمامة عبد اللّه إلّا طائفة يسيرة يسمّى الفطحيّة ، وإنّما لزمهم هذا اللقب ؛ لأنّه كان أفطح الرجلين ، ويقال : لأنّ داعيهم إلى ذلك رجل اسمه عبد اللّه بن أفطح .
وأمّا محمّد بن جعفر فكان يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسيف ، وكان سخيّا شجاعا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان يذبح كلّ يوم بكبش للضيافة ، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة ، فخرج لقتاله عيسى الجلّودي ، فهزم أصحابه ، وأخذه وأنفذه إلى المأمون ، فوصله وأكرمه ، وكان مقيما معه بخراسان ، يركب إليه في موكب بني عمّه ، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمل السّلطان من رعيّته .
وروي أنّ المأمون أنكر ركوبه في جماعة الطالبيّة التي خرجت عليه معه ، فخرج التوقيع من المأمون إليهم : لا تركبوا مع محمّد بن جعفر ، واركبوا مع عبد اللّه بن الحسين ، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم ، فخرج التوقيع : اركبوا مع من أحببتم ، فكانوا يركبون مع محمّد بن جعفر إذا ركبوا إلى المأمون ، وينصرفون بانصرافه .
وأمّا إسحاق بن جعفر فكان ورعا فاضلاً مجتهدا ، وروى عنه الناس الحديث والآثار ، وكان ابن كاسب إذا حدّث عنه قال : حدّثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر ، وكان يقول بإمامة موسى بن جعفر عليه السلام ، وروى عن أبيه النصّ عليه بالإمامة .
وأمّا عليّ بن جعفر ، فإنّه كان راوية للحديث كثير الفضل والورع ، ولزم أخاه موسى بن جعفر وروى عنه مسايل كثيرة ، وقال بإمامته وإمامة عليّ بن موسى عليه السلام ومحمّد بن عليّ عليه السلام ، وروى من أبيه النصّ على أخيه موسى ، وكان العبّاس بن جعفر فاضلاً نبيلاً . ۱ انتهى كلام صاحب إعلام الورى .
قوله : (أنا ابنُ أعراقِ الثَّرى) . [ح ۲ / ۱۲۸۲]
قال الفاضل المتتبّع في كتاب البحار بعد نقل الحديث : «رأيت في بعض الكتب