119
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

وأمّا عبد اللّه بن جعفر ، فإنّه كان أكبر إخوته بعد إسماعيل ، ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من الأولاد ، وكان متّهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ، وادّعى الإمامة بعد أبيه أبي عبد اللّه ، فاتّبعه جماعة ، ثمّ رجع أكثرهم إلى القول بإمامة موسى عليه السلام لمّا ظهر عندهم براهين إمامته ، ولم يبق على القول بإمامة عبد اللّه إلّا طائفة يسيرة يسمّى الفطحيّة ، وإنّما لزمهم هذا اللقب ؛ لأنّه كان أفطح الرجلين ، ويقال : لأنّ داعيهم إلى ذلك رجل اسمه عبد اللّه بن أفطح .
وأمّا محمّد بن جعفر فكان يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسيف ، وكان سخيّا شجاعا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان يذبح كلّ يوم بكبش للضيافة ، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة ، فخرج لقتاله عيسى الجلّودي ، فهزم أصحابه ، وأخذه وأنفذه إلى المأمون ، فوصله وأكرمه ، وكان مقيما معه بخراسان ، يركب إليه في موكب بني عمّه ، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمل السّلطان من رعيّته .
وروي أنّ المأمون أنكر ركوبه في جماعة الطالبيّة التي خرجت عليه معه ، فخرج التوقيع من المأمون إليهم : لا تركبوا مع محمّد بن جعفر ، واركبوا مع عبد اللّه بن الحسين ، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم ، فخرج التوقيع : اركبوا مع من أحببتم ، فكانوا يركبون مع محمّد بن جعفر إذا ركبوا إلى المأمون ، وينصرفون بانصرافه .
وأمّا إسحاق بن جعفر فكان ورعا فاضلاً مجتهدا ، وروى عنه الناس الحديث والآثار ، وكان ابن كاسب إذا حدّث عنه قال : حدّثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر ، وكان يقول بإمامة موسى بن جعفر عليه السلام ، وروى عن أبيه النصّ عليه بالإمامة .
وأمّا عليّ بن جعفر ، فإنّه كان راوية للحديث كثير الفضل والورع ، ولزم أخاه موسى بن جعفر وروى عنه مسايل كثيرة ، وقال بإمامته وإمامة عليّ بن موسى عليه السلام ومحمّد بن عليّ عليه السلام ، وروى من أبيه النصّ على أخيه موسى ، وكان العبّاس بن جعفر فاضلاً نبيلاً . ۱ انتهى كلام صاحب إعلام الورى .
قوله : (أنا ابنُ أعراقِ الثَّرى) . [ح ۲ / ۱۲۸۲]
قال الفاضل المتتبّع في كتاب البحار بعد نقل الحديث : «رأيت في بعض الكتب

1.إعلام الورى ، ص ۲۹۱ ـ ۲۹۳ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
118

وستّون سنة . أقام منها مع [جدّه و] أبيه اثنتي عشرة سنة ، ومع أبيه بعد جدّه تسع عشر سنة ، وبعد أبيه أيّام إمامته أربعا وثلاثين سنة ، وكان في أيّام إمامته بقيّة ملك هشام بن عبد الملك ، وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك الملقّب بالناقص وملك إبراهيم بن الوليد وملك مروان بن محمّد الحمار عليهم اللعنة ، ثمّ صارت المسوّدة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبو العبّاس عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس الملقّب بالسفّاح أربع سنين وثماني أشهر ، ثمّ ملك أخوه أبو جعفر المنصور احدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا .
وتوفّي الصادق بعد عشر سنين من ملكه ، ودفن بالبقيع مع أبيه وجدّه وعمّه الحسن بن عليّ ۱ عليهم السلام ، وله عشرة أولاد : إسماعيل وعبداللّه واُمّ فروة ، اُمّهم فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وموسى وإسحاق وفاطمة ومحمّد لاُمّ ولد اسمها حميدة البربريّة ؛ والعبّاس وعليّ وأسماء لاُمّهات أولاد شتّى .
أمّا إسماعيل فكان أكبر أخوته ، وكان أبوه شديد المحبّة له والبرّ به ، وقد كان يظنّ قوم من الشيعة في حياة الصادق أنّه القائم بعده والخليفة له ؛ لميل أبيه إليه وإكرامه له، ولأنّه أكبر إخوته سنّا ، فمات في حياة أبيه بالعُريض وحمل على رقاب الناس إلى أبيه بالمدينة ، فجزع عليه جزعا شديدا ، وتقدّم سريره بلا حذاء ولا رداء ، وكان يأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة ، ويكشف على وجهه وينظر إليه يريد عليه السلام إزالة الشبهة عن الذين يظنّون خلافته له من بعده وتحقّقَ أمر وفاته عندهم ، ودفن بالبقيع ، ولمّا مات إسماعيل رجع عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظنّ ذلك ، وأقام على حياته طائفة لم يكن من خواصّ أبيه ، بل كانوا من الأباعد .
فلمّا مات الصادق عليه السلام انتقل جماعة منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر عليه السلام وافترق الباقون فريقين : فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمّد بن إسماعيل ؛ لظنّهم أنّ الإمامة كانت في ابنه ، فإنّ الابن أحقّ بمقام الإمامة من الأخ ؛ وفريق منهم ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ . وهذان الفريقان يسمّيان الإسماعيليّة .

1.إعلام الورى ، ص ۲۷۱ ـ ۲۷۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65300
صفحه از 688
پرینت  ارسال به