195
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

ومضى . فقال له المهديّ: حدّها ، فحدّها، فقال : هذا كبير فانظر فيه». ۱ وليس فيه حديث الحبال، ولا تفصيل الحدود.
قال صاحب الوافي: «لعلّ هذه الحدود المذكورة في الكافي ليست حدود فدك فحسب ، بل هي حدود لما لم يوجف عليه رسول اللّه صلى الله عليه و آله بخيل ولا ركاب ، كما يدلّ عليه ما بعده» . ۲
أقول : ذكر الجوهري وصاحب القاموس أنّ فدكا قرية بخيبر ۳ ، والقرية على مجرى العادة محدودة معروفة ليست ممّا يسأل عن حدودها ، بل كانت معروفة الحدود ، اللّهمّ إلّا أن يجهل طائفة من أراضيها العامرة التي لا يكاد يبلغ مسافتُها من كلّ جهة ربعَ فرسخ ، أو نصف فرسخ والحدود التي ذكرها الإمام حدود قطعة من الأرض تَسَع عدّة قرى ، لا قرية واحدة ؛ ألا ترى أنّ جبل اُحد ـ وهو أحد الحدود ـ بمراحل عن عريس مصر الذي هو مدينة من أعمال مصر ، كما ذكره صاحب القاموس ۴ ، وكذا عن سيف البحر ـ بالكسر ـ الذي هو ساحل بحر عمّان بخصوصه ، أو كلّ ساحل على ما ذكره صاحب القاموس ؛ فإذن ينبغي أن يحمل سؤال المهديّ أنّه عن مجموع فدك وما والاها كما ذكره عليه السلام في صدر الحديث، وذكر فدك خاصّة في خلال الكلام على سبيل المساهلة ؛ لأنّها هي المعروفة بالاسم.
ويؤيّد ذلك قول الإمام في آخر الحديث : «نعم يا أمير المؤمنين إنّ هذا كلّه ممّا لم يوجف أهله على رسول اللّه بخيل ولا ركاب ». وقول المهديّ : «كبير وانظر فيه».
وفي مجمع البيان : «إنّ فدك عن المدينة بثلاثة أميال» . ۵
ولايخفى أنّ قوله عليه السلام : «ممّا لم يوجف أهله على رسول اللّه بخيل ولا ركاب» إمّا من باب القلب ، أو من تصرّفات النسّاخ ، والأصل : لم يوجف رسول اللّه على أهله. ويُحتمل على بُعد أن يكون «يوجف» بالبناء للمفعول ، و«على رسول اللّه » متعلّق بمقدّر

1.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۱۴۹ ، ح ۴۱۴ . وفيه : «هذا كثير» بدل «هذا كبير» .

2.الوافي ، ج ۱۰ ، ص ۳۰۷ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۱۵ (فدك) .

4.راجع : قاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۷۸ (عرش) .

5.مجمع البيان ، ج ۹ ، ص ۴۳۰ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
194

إسرائيل بمكّة: «وَقَضى رَبُّكَ أَلَا تَعْبُدُوا إِلَا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا» إلى قوله : «إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرا بَصِيرا» 1 أدَبٌ وعِظَةٌ وتعليم ونهي خفيف لم يَعِدْ عليه ، ولم يتواعد على اجتراح شيء مّما نهى عنه» إلى آخر الحديث . 2
وآيةُ «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ» 3
في ما بين قوله تعالى : «وَ قَضَى رَبُّكَ» وقوله : «إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا» . فثبت كونها مكّيّة .
ومعلوم أنّ فتح خبير و فدك التي من جملته بعد الخروج من مكّة ، فكيف يصحّ قوله : «لمّا فتح على نبيّه» إلى قوله : «فأنزل اللّه على نبيّه صلى الله عليه و آله : «وَ ءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ» ».
فلم يدر رسول اللّه صلى الله عليه و آله من هم ، فراجع في ذلك جبرئيل عليه السلام وراجع جبرئيل ربّه، فأوحى اللّه إليه : أن ادفع فدك إلى فاطمة .
وأحسن ما يُقال في حلّ هذا الإشكال أنّ الآية نزلت في مكّة على سبيل الأدب والعظة كما ذكر أبو جعفر عليه السلام ، ولم يكن من باب الأحكام الحتميّة الإيجابيّة ، ولعلّ لفظتي «القربي» و«الحقّ» لم تكونا من هذه الجهة محتاجتين إلى التبيين والتعيين ؛ ألا ترى أنّك إذا وصيّت أحدا برعاية حقّ ذي قرابته على سبيل الندب إلى محاسن الأخلاق ؛ ولم يسأل عنك : أيّ ذي قرابة؟ وأيّ ذي حقّ من الحقوق ؟ بل يحمل اللفظتين على العموم ؛ ونزلت مرّة اُخرى بعد فتح خيبر وفدك على سبيل الحتم والإيجاب ، فلذلك راجع صلى الله عليه و آله جبرئيل في معنى الحقّ وتعيين المستحقّ .
قوله : (فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام وأُمّ أيمن) . [ح 5 / 1425]
الصحيح ما في التهذيب : «فجاءت بأمير المؤمنين والحسن والحسين وأُمّ أيمن» 4 والإسقاط من سقطات الكُتّاب كما يشهد له «فشهدوا لها» . 5 قوله : (وخَرَقَةُ فقال لها) . [ح 5 / 1425]
في التهذيب : «وقال : هذا لأنّ أباك لم يوجِف عليها بخيل ولا ركاب [وتركها ]

1.الإسراء (۱۷) : ۲۶ .

2.الإسراء (۱۷) : ۲۳ ـ ۳۰ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۸ ، ح ۱ .

4.تهذيب الأحكام ، ج ۴ ، ص ۱۴۸ ، ح ۴۱۴ .

5.في الكافي المطبوع : «فشهد له» .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96365
صفحه از 688
پرینت  ارسال به