قال ابن الأثير بعد نقل هذا : «ومنه الحديث في كنايات الطلاق : حبلك على غاربك ، أي أنتِ مرسلة مطلقة» . ۱
وفي الصحاح : «الغارب : ما بين السنام والعنق . ومنه قولهم : حبلكِ على غاربك ، أي اذهبي حيث شئت». ۲
وكانت الحيلة ما أوحاه الشياطين إلى أوليائهم أن أنكروا كون الإيتاء على وجه التمليك دون الإقطاع والارتزاق ، فطلبوا الشاهد على ذلك ، ولمّا شهد أمير المؤمنين والحسنان عليهم السلام وأُمّ أيمن ـ رضي اللّه عنها ـ ردّوا الشهادة معلّلين بمظنّة التهمة ، ثمّ لمّا رأوا توجيه سهام التشنيع من كلّ جانب تترّسوا بحديث اختلقوه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة» وعارضوا استبعاد كذب شهادة عليّ عليه السلام باستبعاد كذب رواية رواها خليفة رسول اللّه ، ثمّ استدلّوا بتلك الرواية المختلقة على أنّ ما أفاء اللّه على رسوله لم يكن على وجه التملّك حتّى يجري عليه أحكام الملك ، من البيع والشراء والإرث وهبة العين وغيرها ، بل على وجه التسليط على التصرّفات غير التصرّفات الملكيّة ، فما أعطاه أحدا كان على وجه الإقطاع والارتزاق ، وله ولمن يقوم مقامه أن ينتزع ذلك ، ويضعه حيث يرى المصلحة ، فأسّسوا هذا الأساس ، وبنى فَعَلَتهم عليه مسائلهم ، ودوّنوه في كتبهم . لمؤلّفه ـ عفى عنه ـ :
أساس ظلم از آن روز گشت ثابت ومحكمكه شد رئيس بتدليس يك بليس مجسّم
وأنا أذكر فروع المخالفين ـ هداهم اللّه ـ في أمر الفيء والغنيمة ليتّضح حقيقة الحال .
اعلم أنّ عندي شرحا مبسوطا في فقه المخالفين ضاعت ورقتان من الأوّل ، ولأجل هذه لم يعلم مؤلّف المتن والشرح ، وفيه هذه العبارة بعينها بلا تصرّف فيها :
المتن :
«كتاب الفيء والغنيمة . قال اللّه تعالى : «مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ»۳ الآية . الفيء : المال الحاصل من الكفّار بلا إيجاف خيل ولا ركاب كالجزية وعشور تجاراتهم المشروطة