وقوله عليه السلام : (نعم) [ح ۶ / ۱۴۹۵] يعني أنّ المتمسّك في هذا الباب قول اللّه عزّوجلّ : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إلى آخره ، ۱ وقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من مات» إلى آخره ، والمستكنّ في «كان» للإمام بالمعنى الأعمّ ، أو من تجب ولايته المدلول عليه بالسياق ، و«رسول اللّه » خبر «كان» .
وفي كثير من النسخ «فضل» بالمعجمة ، وتوجيهه يحتاج إلى تكلّف وعناية .
قوله : (من بعدما كانوا يحتاجون إلى الناس) . [ح ۶ / ۱۴۹۵]
اعلم أنّ التقيّة كانت شديدة جدّا في زمان عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، وكان عليه السلام معتزلاً عن الناس غير متمكّن من إظهار العلم ، والمنسوبون إلى الفقه الجالسون مجلس الإفتاء كانوا منحصرين في أهل الضلال ، وكان قد يعرض للشيعة قضايا ما كان لهم محيص عن العمل بأحد طرفي النقيض ، فلذلك كانوا محتاجين إلى فقهاء العامّة وقضاتهم ، وبعدما جاء أبو جعفر عليه السلام وارتفعت التقيّة لاستيصال كفرة بني اُميّة ، فشا ببركته العلوم حتّى اعترف بغزارة علمه الخصوم ، فرغب الناس طرّا إلى الاستكشاف منه ومن تلامذته في كثير من المسائل المشكلة التي ارتطموا فيها .
ومن المشهور أنّ ابن أبي ليلى رفع إليه أحد في فسخ بيع جارية لم يكن على عانتها شعر بحسب الخلقة ، فقال : هذا أمرٌ مرغوبٌ فيه ، فقال الرجل : اُريد أن تحكم لي على سنن الشرع ، فأظهر ابن [أبي] ليلى الاحتياج إلى الخلاء ، وقام عن مجلس القضاء، ودخل بيته ، وخرج من باب آخر ، وصادف أحدا من أصحاب الباقر عليه السلام وقال : هل عندك في هذا شيءٌ مسموع عن إمامك ؟ فقال : أمّا خصوصا لا ، غير أنّي سمعت منه أنّ كلّ ما غيّر عن الخلقة الجارية فهو عيبٌ ، فقال ابن أبي ليلى : حسبي ، فذهب إلى مجلس القضاء وحكم للرجل بالعيب . ۲