شاكلتهم ، لم يثنهم ريبٌ في بصيرتهم ، ولم يختلجهم شكٌّ في قفو آثارهم، والايتمام بهداية منارهم ، مكانفين وموازرين لهم ، يدينون بدينهم ، ويهتدون بهديهم ، يتّفقون عليهم ، ولا يتّهمونهم فيما أدّوا إليهم .
اللّهمَّ وصلِّ على التابعين من يومنا هذا إلى يوم الدِّين ، وعلى أزواجهم وعلى ذرّيّاتهم ، وعلى من أطاعك منهم ، صلاةً تعصمهم بها من معصيتك ، وتفسح لهم في رياض جنّتك ، وتمنعهم بها من كيد الشيطان ، وتعينهم بها على ما استعانوك عليه من برّ، وتقيهم بها طوارق الليل والنهار ، إلاّ طارقا يطرق بخير وتبعثهم بها على اعتقاد حسن الرجاء لك ، والطمع فيما عندك ، وترك التهمة فيما تحويه أيدي العباد لتردّهم إلى الرغبة إليك والرهبة منك ، وتزهّدهم في سعة العاجل ، وتحبّب إليهم العمل للآجل ، والاستعداد لما بعد الموت ، وتهوّن عليهم كلّ كربٍ يحلّ بهم يوم خروج الأنفس من أبدانها ، وتعافيهم ممّا تقع به الفتنة من محذوراتها ، وكبّة النار ، وطول الخلود فيها ، وتصيّرهم إلى أمنٍ من مقيل المتّقين . ۱
والحاصل أنّ التفاضل كما كان من جهة قوّة إيمان الأوّلين زائدة على قوّة إيمان من بعدهم وإن كان أكثر علما منهم ، والمراد بالإيمان هو تلقّي ما استيقنته النفس بالقبول واليقين بحسب قلّة المعارف وكثرتها على مراتب ، والقبول أيضا بحسب ذلك على مراتب ، أصل ذلك كلّه طهارة الطينة وقربها من طينة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام .
وناهيك شاهدا على ذلك ما في قصّة بلوهر الحكيم المنقولة في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة من حكاية الطير المسمّى بالقدم وبيضه . ۲
وكثرة العمل لا يستلزم قوّة الإيمان ، كما دلّ عليه الأخبار المستفيضة ، فلذلك ليست مناط التفاضل .
ومن تلك الأخبار ما سبق في كتاب العقل في حديث هشام أنّ قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود .
وفي الحديث : «نومٌ على يقين خيرٌ من عبادةٍ مع شكّ ۳ » . ۴
1.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۴ ، الدعاء (۴).
2.كمال الدين ، ح ۲ ، ص ۵۷۷ .
3.في المصدر : «خير من صلاة في شكّ» .
4.نهج البلاغة ، ص ۴۸۵ ، ح ۹۷ .