251
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

أقول : يؤيّد ما قاله قدس سره ما اشترط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تجويز التأثير .
ثمّ أقول : إنّ كلّ شخص ، سواء كان صاحب سهم أو صاحب عشرة أسهم مثلاً ، فخروج ما في قوّته من الإيمان بأوامر الشرع ونواهيه ؛ إذ الإيمان في هذا المقام عبارة عن الإقرار مع العمل ، والعمل بدون نيّة الامتثال والإطاعة لا مدخل له في الإيمان ، والداعي إلى الخير ـ واجبا كان أو مستحبّا ـ نائب من الشارع ، ومذكّر لتكاليف اللّه ورسوله ، فكما أنّ أصل التكاليف له مدخل في حصول أقدار سهام الإيمان على أيّ حدّ كانت ، واختلاف الموادّ والاستعداد غير منافٍ للمدخليّة ، فكذلك دعوة مؤمن لأحد بتذكير التكاليف الشرعيّة ، لها مدخل في الحصول ، والاختلاف غير مناف للمدخليّة ، فلا يكون أصل دعوته لغوا لا يترتّب عليها أثر .
نعم ، يجب أن يكون ذا بصيرة يعلم موقع كلّ دعوة ، ونحو كلّ دعوة في كلّ موقع ، كما فُصِّل في مباحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويعلم أنّ له أهليّةَ أيّةِ دعوة، وأيّ نحوها من اللين والخشونة والمسامحة والتضييق ، إلى غير ذلك ، ولو كان فاقدا لهذا العلم لربّما يترتّب على دعوته خلاف الغرض .
وعلى أيّ تقدير يكون موادّ المدعوّين ـ أي طيناتهم ـ هي الأصلَ في اختلاف الدرجات بحسب نفس الأمر في السُّعداء والأشقياء ، ولا يعلم أحد أنّ أيّة نفس في أيّة درجة في نفس الأمر إلّا بارئها ـ جلّ وعزَّ ـ والمستودعون لعلمه ، الاُمناء لسرّه .
واختلاف الدرجات في الظاهر لمّا لم يلزم أن يكون مطابقا لما في نفس الأمر ـ لما نشاهد من اختلاف حالات شخص واحد بتبدّل المقارنات والمصادفات ، كما قلنا في المثنويّ المسمّى ب «نان و پنير» في مقابلة مثنوي الشيخ الأعظم بهاء الملّة والدِّين المسمّى ب «نان و حلوا» (شعر) :

هان مشو مغرور بر افعال خويشهان مشو مسرور از احوال خويش
اى بسا نعلى كه وارون بسته شدشيشه امن نفوس اشكسته شد
كبر چندين ساله در حين نزعكرد بر حقّيّت اسلام قطع
عابدى با شدّ و مدّ و كشّ وفشّبهر ترسا بچّه اى شد باده كش
كار ، با انجام كارست وسرشتضمّ كاشف از سرشت خوب و زشت
ـ فعلينا أن نفعل ما علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشرط العلم الذي ذكرناه قُبيلَ ، ويترشّح من إناء المأمور ما يترشّح ، وقد نظمت هذا التحقيق في المثنويّ الذي أشرنا إليه (شعر) :

امر و نهى عقلى و شرعى ز ربشرط فعل اين و آن دان ، نه سبب
شرط اصلاً موجب مشروط نيستليك از بهر وجودش بودنى است
گر نيايد بارش عام از سمااز زمين كى رويد اقسام گيا
گل بفيض عام رويد از زمينليك باشد اين چنان وآن چنين
اين يكى خارست و آن يك گل به ذاتهر يكى دارد ز ذات خود صفات
سنبل و گل بهر بوييدن خرندخار و خس را بهرتون تابى برند
بارش اينها را چنين حالات داديا ببارش حال ذات از وى بزاد
گرنكردى فهم بگذر زين مقالخويش را باطل مگردان در جدال
وفي كتاب التوحيد في باب السعادة والشقاوة عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتّى يقول الناس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم ، ثمّ تتداركه السعادة ، وقد يسلك بالشقيّ طريق السُّعداء حتّى يقول الناس : ما أشبهه بهم ، بل هو منهم ، ثمّ يتداركه الشقاء ؛ إنّ من كتبه اللّه سعيدا ـ وإن لم يبق من الدنيا إلّا فواق ناقة ـ ختم اللّه له بالسعادة» . ۱

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۴ ، ح ۳ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
250

قوله : (ثمّ جرى ذكر قوم) . [ح ۲ / ۱۵۳۱]
المراد بالقوم الضعفاء في الإيمان ، الناقصون في المعرفة والعمل ، لا أهل السنّة .
وسيجيء في آخر الباب الآتي عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «ما أنتم والبراءة يبرأ بعضكم من بعض ؛ إنّ المؤمنين بعضهم أفضل من بعض ، وبعضهم أكثر صلاةً من بعض ، وبعضهم أنفذ بصرا من بعض ؛ وهي الدرجات» . ۱قوله : (أن يُحْمَلَ صاحبُ السهمِ على ما عليه صاحبُ السهمين) . [ح ۲ / ۱۵۳۱]
في القاموس : «حمله على الأمر يحمله فانحمل : أغراه) . ۲
وفي شرح الفاضل الصالح :
ينبغي لأرباب الكمال وأهل الصحّة والسلامة أن يرحموا أهل النقص وأصحاب الذنوب بإنقاذهم وإعانتهم على الخروج منها بالرفق واللطف تدريجا ؛ لأنّ ذلك دأب الأنبياء والأوصياء والعلماء العالمين بكيفيّة التعليم والتفهيم . ۳

[باب آخر منه]

] وفي قوله عليه السلام : (فارفَعْه إليك ) [ح ۲ / ۱۵۳۳] دلالة واضحة على أنّ القيام على الدرجة الاُولى ليس من باب الحتم والحصر ، بل هو قابل للترقّي إلى الأعلى فالأعلى ، حتّى يبلغ غاية ما يمكن له من الكمال .
لا يقال: الخبر السابق دلَّ على أنّ صاحب عشرة أجزاء لا يقدر أن يكون مثل صاحب العشرين ، فكيف أمر صاحب العشرين بأن يرفعه إلى درجته برفق ؟
لأنّا نقول : لعلّ المقصود أنّه صاحب عشرة بالفعل ، وله استعداد اكتساب عشرة اُخرى ؛ على أنّه لو فرض اختصاصه بالعشرة وعدم استعداده للزائد في نفس الأمر ، فلا ريب أنّ صاحب العشرين لا يعلم ذلك ، بل ربّما يظنّ أنّه قابل للترقّي ، فهو مأمور بهذا الاعتبار رجاءَ تحقّق مظنونه .

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۵ ، ح ۴ .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۶۱ (حمل) .

3.شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ۸ ، ص ۱۳۷ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65269
صفحه از 688
پرینت  ارسال به