261
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

الذي تأخذون عمّن تأخذون». ۱
وهذا في السماعيّات باعتبار كذب المعلّم تعمّدا أو غير تعمّد ، وفي العقليّات باعتبار تأثير أخلاق المعلّم في المتعلِّم ، مثل حبّ الغلبة ، وحبّ التشكيك والمغالطة ، وطلب المقدّمات بعد اعتقاد النتيجة بمحض الهوى ، كما هو شأن كثير من المتكلِّمين والمتفلسفين ، ولعمري إنّ هذا من أستر الحُجب لرؤية الحقّ .
وسمعت من بعض المتعلِّمين يقول في مقام وصف معلّمه بكمال الذكاء والحذاقة: إنّه بحيث لو ادّعى أحد عنده دعوى في كمال الحقّيّة والظهور ، لألقى إليه مقدّماتٍ مغالطيّةً ومشاغبيّة يعجز عن جوابها ، وما ألزمه أحد في المباحثات العلميّة قطّ ، بل لا يتمّ عليه برهان ولو كان على مدّعي سهل المقدّمات ، ولا يتفصّى أحد عن تشكيكاته .
وهذه خصلة رذيلة إذا صارت مَلَكة أظلمّ القلب ، وكاد أن لا يطمئنّ بشيء أبدا ؛ ولهذا ورد عن الأئمّة عليهم السلام : «لا ترتابوا فتشكّوا» . ۲ وفيحديث آخر : «تواضع للحقّ تكن أعقل الناس» . ۳قوله : (أقلّ من اليقين) . [ح ۶ / ۱۵۵۰]
مقتضى الاُسلوب أنّ معنى الكلام نفي الزيادة في القلّة وبقاء احتمال المساواة ؛ إذ النفي في الكلام المقيّد متوجّه إلى القيد ، إلّا أنّ المتعارف في الاستعمال إرادة نفي المساواة أيضا ، تقول : ليس في البلد أعلم من زيد ، مريدا أنّه أعلم جميع أهل البلد .
ثمّ إنّ قلّة الشيء قد يكون باعتبار الرتبة ، يُقال : فلان أقلّ من الكلب ، وقد يكون

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۹ ، باب النوادر ، ح ۸ ؛ المحاسن ، ص ۲۲۰ ، ح ۱۲۷ ؛ رجال الكشّي ، ص ۴ ، ح ۶ ؛ الاختصاص ، ص ۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۶۵ ، ح ۳۳۲۱۲، مع اختلاف يسير في الألفاظ.

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۵ ، باب استعمال العلم ، ح ۶ ؛ و ج ۲ ، ص ۳۹۹ ، باب الشكّ ، ح ۲ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۲۰۶ ، المجلس ۲۳ ، ح ۳۸ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵ ، كتاب العقل والجهل ، ح ۱۲ . وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۰۶ ، ح ۲۰۲۹۱ ؛ تحف العقول ، ص ۳۸۳ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ ، ح ۲۸ ؛ و ج ۷۵ ، ص ۲۹۹ ، ح ۱ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۲۲۶ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
260

قوله : (والإيمان على الإسلام درجة)۱. [ح ۴ / ۱۵۴۸]
منصوب بنزع الخافض على نحو ما في الحديث السابق : «الإيمان فوق الإسلام بدرجة ». و«على الإسلام» متعلّق بمقدّر نحو «يفضّل» . ويحتمل أن يكون «على» فعلاً و«الإسلام» منصوبا بالمفعوليّة .
قوله : (واليقين فوق التقوى بدرجة) . [ح ۵ / ۱۵۴۹]
المراد باليقين هو الجزم الثابت المطابق الظاهر مطابقته بنفسها ظهورَ النور بنفسه، لا بنور آخر كالأشياء المتنوّرة ، ولا حصر لموجب اليقين ؛ لأنّه يختلف باختلاف مراتب استعدادات النفوس القابلة لتأثيرات الفواعل ، فقد يكون استعداد كافيا في تأثّر النفس عن فاعل ضعيف ، ولا يكفي استعداد آخر بل يحتاج إلى فاعل أقوى ؛ ألا ترى أنّ الحطب الشديدَ اليبس يكتفي في الاشتعال والتوقّد بنار ضعيف ، بخلاف الحطب الرطب ؛ فإنّه يستدعي قوّة في النار بحسب ما به من الرطوبة ، ولهذه العلّة كان بعض الناس يفوز بشرف اليقين بنبوّة سيّدنا صلى الله عليه و آله بمجرّد سيمائه ، ويقول : هذه الناصية لا يكذب ، وبعضهم بمشاهدة معجز واحد أو أكثر ، وبعضهم كان بحيث ورد في شأنهم «وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا»۲ .
واستعدادات النفوس تكون بحسب صفاء الطينة وكدورتها ، وقربها من طينة أئمّتهم وبُعدها ، وكذلك بحسب الحالات المقتضية من جهة التعليم وأخلاق المعلّمين والمعاشرين والمخالطين .
ولقد أجاد من أفاد :

يارِ بد ، بدتر بود از مار بدتا توانى مى گريز از يار بد
مارِ بد، تنها همين بر جان زنديار بد، بر جان و بر ايمان زند
وفي الحديث في تفسير قوله تعالى : «فَلْيَنْظُرْ الْاءِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ» : ۳ «اُنظروا علمكم

1.في الكافي المطبوع : «الإيمان فوق الإسلام بدرجة» . وما في المتن مطابق للحديث الرابع من الباب .

2.الأنعام (۶) : ۲۵ .

3.عبس (۸۰) : ۲۴ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65392
صفحه از 688
پرینت  ارسال به