277
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

إليه لزوما بحسب الشرع لا بحسب الذات ؛ والثالث برزق قد يعرض له الوصف بالقياس إلى أحد ، ويفارق عنه بالقياس إلى آخر ، فلم يأكل أحد رزقا حراما ذاته ، بل إنّما فعل فعلاً حراما إن كان من المكلّفين .
وبالجملة : المذهب الحقّ أنّ الأحكام الشرعيّة متعلّقة بالأفعال لا بالأعيان ، وأنّ الأعيان كلّها حلال بمعنى أنّها خلقت لينتفع بها كما قال تعالى في سورة البقرة : «هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعا»۱ ، ووصف تلك الأعيان بعضها بالحلال وبعضها بالحرام بملابسة التصرّفات الواقعة عليها التي هي الحلال والحرام بالأصالة، ووصف المتصرّفات بهما ثانيا وبالعرض .
ثمّ إنّ صرف الرزق قسمان : إرادي وغير إرادي ، وحيث إنّ كليهما بقضاء اللّه وقدره ـ بالمعنى الذي حقّقناه في كتاب التوحيد ـ صحَّ أنّ اللّه تعالى هو الذي رزق آكل الحلال وآكل الحرام .
وفي الصحيفة الكاملة في دُعاء الحمد : «وجعل لكلّ روح منهم قُوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد» الدعاء . ۲
حيث إنّ اللّه تعالى نهى عن استبقاء الحياة بما حرّم عليه ، وجعل له السبيل إلى الحلال ، فقد صحّ أنّ اللّه تعالى قسّم الأرزاق بين الناس حلالاً ، ولم يقسمها حراما .
فتدبّر هذه الاُصول ، تستبصرْ إن شاء اللّه تعالى .
قوله : (وما مَعَنا براةٌ۳من النار) . [ح ۳ / ۱۶۲۲]
في رواية حميد الآتية : «واللّه ما مَعَنا من اللّه براة ». ۴
الذي وجدنا في كتب اللغة المشهورة «براءة» مصدر برئ منه ، ولم يذكر براة بدون المدّ إلّا في كتاب المغرب : «برئ من الذنب والعيب براءة ، ومنها البراءة لخطّ الإبراء، والجمع : البراءات بالمدّ ، والبروات عامّي» . ۵

1.البقرة (۲) : ۲۹ .

2.الصحيفة السجّاديّة، ص ۲۸، الدعاء ۱.

3.في الكافي المطبوع : «براءة» .

4.الحديث السادس من الباب .

5.المغرب ، ص ۳۸ (برئ) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
276

قوله : (في أعمالهم) . [ح ۴ / ۱۶۱۹]
إذا اُريد بالأعمال الجميع صحّ الاستثناء ، ولا يلزم الخروج من التقصير .

باب الطاعة والتقوى

قوله : (وأنّ الرّوحَ الأمينَ نَفَثَ في رَوْعي) . [ح ۲ / ۱۶۲۱]
هذا الحديث مرويّ من طرق العامّة أيضا ؛ ففي الفائق : [قال] النبيّ صلى الله عليه و آله : «إنّ روح الأمين نفث في روعي أنّ نفسا لن تموت حتّى تستكمل رزقها ، فاتّقوا اللّه ، وأجملوا في الطلب» . النفث ـ بالضمّ ـ : شبيه بالنفخ» . ۱
أقول : سيجيء هذا الحديث في كتاب المعيشة في باب الإجمال في الطلب ، وفيه بعد «فأجملوا في الطلب»: «ولا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيءٍ من معصية اللّه تعالى ؛ فإنّ اللّه تبارك وتعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالاً ، ولم يقسّمها حراما ، فمن اتّقى اللّه وصبر ، آتاه اللّه رزقه من حلّه ، ومَن هتك حجاب الستر وعجّل ، فأخذ من غير حلّه ، قصّ به من رزقه الحلال ، وحوسب عليه يوم القيامة» ۲ .
وفي شرح الأربعين للسيّد الجليل بهاء الملّة والدِّين هكذا : «ومن هتك حجاب ستر اللّه عزّوجلّ وأخذه من غير حلّه» إلى آخره . ۳
واختلف في معنى الرزق ، والذي يستفاد من هذا الحديث أنّ رزق اللّه ما شأنه أن يصير سببا لبقاء حياة الحيوان ، أعمّ من الطعام والشراب والهواء الذي يتنفّس به ، ولا شكّ أنّ الجميع مخلوق للّه تعالى ، ووصف الحلّ والحرمة أمرٌ عارض ؛ إمّا لازم لزوما شرعيّا أو مفارق ، فالحيوان الجلّال والإنسان الآكل طولَ عمره للحم الخنزير ، والآكل للشاة الميّتة اضطرارا شرعيّا ، والآكل للشاة المذكّاة كلّهم حيّوا برزق اللّه : الأوّل برزق لم يعرض له بالنسبة إليه وصف الحرمة شرعا ؛ والثاني برزق عرض له الوصف بالنسبة

1.الفائق في غريب الحديث ، ج ۳ ، ص ۳۱۷ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵ ، ح ۱ .

3.الأربعون حديثا، ص ۲۲۱، الحديث ۱۳.

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65239
صفحه از 688
پرینت  ارسال به