تتميم في تحقيق معنى الحلال والحرام والشُّبهة
للمتصوّفة المبتدعة في معنى الحلال والحرام والشبهة آراء ، والذي ظهر من أحاديث أئمّتنا الطاهرين ـ الذين أغنانا اللّه تعالى بهم عن الرجوع إلى غيرهم ـ أنّ الحلال ما أذن الشارع تناوله ، سواء كان من نالنا المال منه اكتسبه بالوجه المشروع ، أو بغير المشروع ، كالغنائم التي نأخذ من الكفّار وإن علمنا أنّهم أخذوا من أعدائهم الكفرة عنوةً ، أو على طريق المقامرة ، أو بإزاء ما باعوه منهم من الأصنام والخمر والميتة والخنزير وغير ذلك ، فإنّ الأموال كلّها للّه ، مالك الملك ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممّن يشاء .
والحرام ما حظر التصرّف فيه ، ولم يخرج في شيء من هذين بحسب نفس الأمر . والشبهة ما التبس كونه فردا من هذا ، أو ذاك .
وسبب الالتباس اُمور :
منها : ندرة وجود أصله في بلاد الإسلام وحواليها ، وعدم استفاضة كونه ممّا يحلّ أو يحرم ، كالجلد ذي الشعر الذي يجعل منه القلنسوة ، ويقول بعض : إنّه جلد فرس مائي، وبعض : بل جلد فرس برّي ، وبعض : إنّه جلد غير الفرس ، وكالشملة التي تسمّى بتوس ، أو يكون الشخص لم يتفقّه حكمه كما في كثير من الأحكام بالنسبة إلى العوامّ ، أو لتعارض دليليه المقتضي أحدهما أن يكون من هذا ، والآخر أن يكون من ذاك ، كما هو الشأن بالنسبة إلى الفقهاء .
ومنها : أن يترجّح أحد الطرفين من جهة دليل ولكن يجده موافقا لهواه ، ويجد من نفسه تجويز أن يكون الترجّح منشؤه الأغراض الباطلة ، مثل السهولة ، وعدم عروض المشقّة ، وحبّ الغلبة ، أو نيل الرياسة وغير ذلك ، كما في مسألة صلاة الجمعة ، إلى غير ذلك .
والمتورِّعون يتسابقون في مضمار التقوى ، ويتوقّفون في الشُّبهات ، ويجاهدون النفس في تخليص النيّة ومخالفة الهوى ، ويبنون الأمر بقدر الإمكان على الأحوط والأحرى إلى أن يرتفع الشبهة ويتّضح الحقّ ، والاقتحام فيها يورث التجاسر في