وقد سمعت مرارا أنّ أكثر ما ذكره مدوّنوا اللغة ما استفادوه من كلام من يوثق بعربيّتهم بحسب اقتضاء المقام وسياقة الكلام ، لا ما رووه من العرب العرباء ، وهذا الحديث من كلام من خرج من بيته الكلام المعجز النظامِ ، والمعنى الذي ذكرناه له ممّا لا يشكّ فيه بعد ملاحظة المقام ، فالاقتصار على ما أودعه أهل اللغة المشهورون في كتبهم جمود من الطبيعة .
قوله : (ولا أرضا قَطَعَ) .[ح ۶ / ۱۶۸۷]
في الفائق عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
«أنّ هذا الدِّين متين فأوغل فيه برفق ، ولا تبغّض إلى نفسك عبادة اللّه ، فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ».
يُقال : أوغل القوم وتوغّلوا أو تغلغلوا : إذا أمضوا ۱ في سيرهم ، بمعنى أمعن فيه وأبلغ فيه الغاية القصوى والطبقة العُليا . ولا يكن ذلك منك على سبيل الخرق والتهافت والتسرّع ، ولكن بالرفق والرسل وتألّف النفس شيئا فشيئا ، ورياضتها فينة بعد فينة حتّى تبلغ المبلغ الذي ترومه ، وأنت مستقيم ثابت القدم ، ثبْت الجنان ، ولا تحمل على نفسك فيكون مَثَلك مثلَ من أغذّ ۲ السير فبقي منبتّا ـ أي متقطّعا ۳ به ـ لم يقض سفره وأهلك راحلته . ۴
وفي الصحاح : «الإغذاذ في السير : الإسراع» . ۵
وفي النهاية : «فيه : أنّ هذا الدِّين متين فأوغل فيه برفق . الإيغال : السير الشديد» . ۶
باب الصبر
[قوله] : (من صَبَرَ صَبَرَ قليلاً).[ح ۳ / ۱۶۹۲]
أي صبر صبرا قليلاً، أو في زمانٍ قليل .