293
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

الأوّل ، فتبيّن صحّة ما حرّرنا في معنى الحديث ، أعني أنّ قوله عليه السلام : «واستبدل بالعسر يسرا» عطف على «لم تكسره» لا على «اُسِرَ». والمعنى : إن تواردت وتتابعت عليه المصائب لم ينكسر قلبه بذلك ، وانقلب ما به من العسر وتشتّت البال إلى أحسن العاقبة ورفاه الحال ؛ كما كان ليوسف عليه السلام .
وقوله عليه السلام : «أن استُعْبِدَ» فاعل «لم يضرر» الأوّل ، ومفعوله قدّم عليه .
وقوله : «أن مَنَّ اللّه » مفعول «لم يضرر» الثاني بتقدير «من» وتقدير مع أن شائع ، وفاعله ظلمة الجُبّ مع ما عطف عليه .
وفي شرح الفاضل الصالح :
قوله : «واستبدل بالعسر يسرا» الظاهر أنّه عطف على «قهر». ولا يتمّ إلّا بتكلّف ؛ لأنّ الظاهر أنّ العسر مدفوع ، واليسر مأخوذ ، فلا يناسب الوصل . ويمكن أن يكون عطفا على قوله : «وإن تداكّت» فيكون غايةً للصبر ، وإشارةً إلى ما يترتّب عليه . وفي بعض النسخ : «واستبدل باليسر عسرا » وهو واضح . انتهى . ۱قوله : (ورحم به اُمّةً) .[ح ۶ / ۱۶۹۵]
التنوين للتكثير والتعظيم .
قوله : (دونكم صاحبَكم) .[ح ۸ / ۱۶۹۷]
في القاموس : «دونكه إغراء» . ۲قوله : (عليك بتقوى اللّه والصبر) .[ح ۹ / ۱۶۹۸]
الجمع بين التقوى والصبر اقتداءٌ بقول اللّه تعالى : «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»۳ .
قوله : (تَقْدَمْ عليه) .[ح ۹ / ۱۶۹۸]
في القاموس : «قدم من سفره كعلم». ۴ وضمير «عليه» للتقوى والصبر بتأويل «المذكور» . وفي «تقدم» تضمين الورود .

1.شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ۸ ، ص ۲۸۲ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۲۴ (دون) .

3.آل عمران (۳) : ۱۸۶ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۶۲ (قدم) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
292

المصائب ـ وإن كانت المصيبة أسره وقهره ـ لم تكسره ، بل كان على ما كان من قوّة القلب ، وسبّب اللّه له أن يذهب عسره ، ويحصل عوضَه اليسر .
وهذا الاستعمال ـ أعني إيصال الاستبدال إلى مفعول بوساطة الباء ، وإلى آخَرَ بلا واسطة ، على أنّ المراد بالأوّل مايعطى المستبدل ، وبالثاني ما يأخذ في العوض ـ لم يظفر به صاحب القاموس مع توسّعه في علم اللغة ، وما ذلك إلّا من جهة كونه غير موفّق لتتبّع الأخبار الثابتة عن أصحاب العصمة عليهم السلام الذين هم ملوك الكلام باتّفاق الخاصّ والعامّ ، وقد صدر هذا الاستعمال عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال في خطبة من خطب نهج البلاغة :
واتّعظوا فيها ـ أي في الدنيا ـ بالذين قالوا : «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً»۱ حُمِلوا إلى قبورهم فلا يُدعَون رُكبانا ، واُنزلوا إلى أجداثهم، فلا يُدعَون ضيفانا ، وجُعِلَ لهم من الصفيح أجفانٌ ، ومن التراب أكفان ، ومن الرُّفات جيران ، فهم جِيرةٌ لا يُجيبون داعيا و لا يمنعون ضَيْما ، ولا يبالون مَنْدَبَةً ، إن جيدوا لم يفرحوا ، وإن قُحطوا لم يقنطوا ، جميعٌ وهم آحاد ، وجيرةٌ وهم أبعاد ، متدانون لا يتزاورون ، وقريبون لا يتقاربون ، حُلماء قد ذهبت أضغانهم ، وجُهلاء قد ماتت أحقادهم ، ولا يخشى فَجْعُهم ، ولا يُرجى دفعهم ، استبدلوا بظهر الأرض بطنا وبالسعة ضيقا ، وبالأهل غربةً ، وبالنور ظلمةً » الحديث . ۲
والغرض من إيراد شطر ممّا قبل الذي كلامنا فيه ـ أعني قوله عليه السلام : «استبدلوا بظهر الأرض بطنا» أن يظهر ظهورا بيّنا تامّا أنّ الاستبدال يصل إلى ما كان للمستبدل بواسطة الباء ، وإلى ما يحصل له مكان ذلك بلا واسطة .
وكلام صاحب القاموس دالّ على أنّ مفعوله قد يذكر في بعض الاستعمال بالباء ، وفي بعضٍ آخر بلا واسطة الحرف مطلقا ، ويُراد في كلا الاستعمالين أمرٌ واحد ، هو الذي يؤخذ منه بدلاً بلا تصريح ببدل خاصّ .
قال : استبدله وبه : اتّخذ منه بدلاً .
وعلى ما حقّقنا كان الصواب أن يقول : استبدل بفلان فلانا ؛ أي اتّخذ الثاني بدلاً من

1.فصّلت (۴۱) : ۱۵ .

2.نهج البلاغة ، ص ۱۶۴ ، الخطبة ۱۱۱ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65309
صفحه از 688
پرینت  ارسال به