303
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

وكذا العقوبة ، ويكون المراد أنّ الندامة على ما فرّط من المرء حين عفو اللّه عنه بسبب التوبة أفضل من الندامة حين عقوبته تعالى ، كندامة الذين أخبر اللّه عنهم بقوله : «فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقا لِأصْحَابِ السَّعِيرِ»۱ .
وبناء هذا الوجه على أنّ «على» في قوله عليه السلام : «على العفو» ليست صلةً للندامة ، بل هي نحو ما في قول أمير المؤمنين عليه السلام : «أرسله على حين فَتْرَةٍ من الرُّسُل ، وطول هَجْعَةٍ من الاُمم» الخطبة. ۲ فعلى وصلتها محذوفة ، والتقدير : الندامة على ما فرّط من المرء على صورة العفو أفضل من الندامة عليه على صورة العقوبة . ووجه الأفضليّة أنّ موجب الندامة الاُولى التنبّه بقبح عصيان ربٍّ عظيم أنعم عليه بصنوف النعماء ، وهو يراه في جميع الحالات ويقدر عليه .
قوله : (يَصْرِمُ) .] ح ۷ / ۱۷۹۴ ]
في القاموس : «الصرم : قطع الثمر» . ۳قوله : (كارةً من تَمْرٍ) .] ح ۷ / ۱۷۹۴ ]
في القاموس في ك و ر : «حمل الكارة وهي مقدار معلوم من الطعام» . ۴

باب كظم الغيظ

قوله : (ما اُحِبُّ أنّ لي بذُلِّ نفسي حُمْرَ النَّعَمِ) .] ح ۱ / ۱۷۹۸ ]
الباء للعوض ، والمعنى أنّ ذلّ نفسي ـ الحاصلَ من نحو كظم الغيظ عمّن يغضبني بالإساءة إليَّ والتعدّي عليَّ ـ أحبُّ إليَّ من حمر النعم التي هي أحبّ الأشياء عند العامّة ، فكأنّه عليه السلام يقول : ما اُحبّ أن أمضي غضبي وغيظي حتّى يذهب عنّي ذلّ نفسي الحاصل بكظم الغيظ ، وآخذ عوضه حمر النعم .

1.الملك (۶۷) : ۱۱ .

2.الكافي، ج ۱ ، ص ۶۰ ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة و ... ، ح ۷ ؛ نهج البلاغة ، ص ۱۲۱ ، الخطبة ۸۹ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۸ ، ص ۲۱۸ ، ح ۵۰ .

3.راجع : القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۳۹ (صرم) .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۳۰ (كور) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
302

ثمّ إنّ وجود هذه الأخلاق في حدّ ذاتها كمال وإن لم يوجد موضع لاستعمالها ، فلا مانع لوجودها لأهل الآخرة .
قوله : (نُشَيْب اللفائفي) .] ح ۳ / ۱۷۹۰ ]
في الصحاح : «اللفافة : ما يلفّ على الرجل وغيره ؛ والجمع : اللفائف» . ۱قوله : (عنقٌ من الناس) .] ح ۴ / ۱۷۹۱ ]
في القاموس : «العنق ـ بالضمّ وبضمّتين ـ : الجماعة من الناس» . ۲قوله : (الندامة على العفو أفضلُ وأيسرُ) .] ح ۶ / ۱۷۹۳ ]
أمّا أنّها أفضل فلأنّه لا يخاف ضرر الآخرة في أنّه لِمَ لم آخذ حقّي الذي هو المجازاة ، غاية الأمر أنّ النفس لشدّة حبّ الانتقام بقيت غضوبةً نادمةً ، ويمكن تداركها بتسليتها بأنّكِ ملكت خلقا جميلاً ، وسيؤجرك اللّه أجرا جزيلاً ؛ بخلافها في العقوبة، فإنّ فيها خوفَ التعدّي عن القدر الجائز الناشئ من استيلاء الغضب وعدم التثبّت .
وهذا يقع كثيرا في كثير من الناس بالنسبة إلى عبيدهم وإمائهم ، وبعد ما انطفت نائرة الغضب يظهر له خطؤه فيندم ، ولا يكفي في حقوق الناس مجرّد الندامة ، بل يجب الاستحلال بالمال ، أو التمكين من القصاص .
وبما قلنا يظهر وجه الأيسرية كما لا يخفى .
والغرض المسوّق له الكلام الحثّ على العفو ، فكأنّه يقول : من تردّد في جرم بين أن يعفو ويعاقب ، وتثاقل عن العفو خوفا أن تعرض بعده حالة توجب الندامة عليه ، وأراد أن يعاقب ليأمن من الندامة ، فليجوّز أن تعرض حالة بعد العقوبة توجب الندامة عليها ، والندامة على العفو على تقدير عروض موجبها بعده أفضل من الندامة على العقوبة على تقدير عروض موجبها بعد العقوبة ، وأيسر أيضا ، كما بيّن سابقا ، فليؤثر العفو على العقوبة ؛ هذا .
وفي الحديث احتمالٌ آخر عندي أنّه أقرب ، وهو أن يكون العفو عفو اللّه تعالى

1.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۲۷ (لفف) .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۶۹ (عنق) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 89894
صفحه از 688
پرینت  ارسال به