331
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

إليه العتبى ؛ ضدّ» . ۱
ويُحتمل أن يكون المعنى : إن وصفت الدنيا نفسها بقرب المأخذ وسهولة التناول ـ أي أراكها كذلك ـ ووجدتها ـ على خلاف ما وصفت ـ حرونا شموسا ، بعيدَ المأخذ ، وعرَ المطلب .
وبالجملة ، إن لم يحصل لك منها جميع ما تحتاج إليه كما حصل لأبناء الدنيا ، فلا يضيقنّ صدرك ، بل ارض بقضاء اللّه تعالى ، فإنّ القضاء دارٌ من تحوّل إليها ـ أي رضي بالقضاء ـ استعتبه اللّه تعالى ، أي أرضاه ، فالقضاء دار استعتاب .
والغرض التسلية والوصيّة بالصبر (بيت) :

با چنين عمرى كه آن جز برق نيستگر بگريى ور بخندى فرق نيست
وبيان أنّه عسى أن يكون حصول ما يريد المرء من الدنيا ضارّا له ، كما قال تعالى : «عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ»۲ .
ولعلّ الفقرات الأخيرة أشدّ ارتباطا بهذا المعنى ؛ فتدبّر .
ولا يجوز أن يُراد بدار المستعتب دار الآخرة ؛ لما سبق من الحديث في باب الخوف والرجاء عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «إنّ ممّا حفظ من خطب النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال ـ إلى قوله ـ : فوالذي نفس محمّدٍ بيده ، ما بعد الدنيا من مستعتب ، وما بعدها من دار إلّا الجنّة أو النار» . ۳
في النهاية : «استعتب : طلب أن يرضى عنه ، ومنه الحديث : ولا بعد الموت من مستعتب ، أي من استرضاء» انتهى . ۴
وفي سورة السجدة : «وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ»۵ .
ويمكن أن يكون المستعتب فيما نحن فيه بالمعنى الثاني ، وداره مجازا عن كيفيّة

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۰۰ (عتب) .

2.البقرة (۲) : ۲۱۶ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۷۰ ، ح ۹.

4.النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۷۵ (عتب) .

5.فصّلت (۴۱): ۲۴ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
330

الاستعتاب ، وكذا سائر الأخبار التي في هذا الباب .
فإذن يجب أن يكون الشرح بحيث يصلح أن يجعل الأخبار توضيحا للآيات والآيات توضيحا للأخبار كلّاً من جهة .
وإنّما قلنا ذلك لأنّ الغفلة عن الآيات حمل بعض الشارحين على استغراب هذا الخبر وإظهار الحيرة في فهم معناه ، فنقول :
يحتمل أن يقرأ «وصفت» بصيغة المؤنّث المعلوم ، فالمعنى أنّ الدنيا شيمتها أن تصف نفسها بلسان الحال أنّها في كمال الحُسن والبهاء ؛ لتغرّ السفلة والجهلة . ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام : «يا دنيا غرّي غيري». ۱
فإن أفقت عن سكر محبّة العاجل ، ورأيتها على غير ما وصفت لك ، فتحوّل إلى دار الاستعتاب ؛ على أنّ المستعتب مصدر ميمي ، أي تدارك ما فرط منك في أيّام سكر المحبّة بالتوبة والطاعة .
ويجوز أن يكون المستعتب على هذه القراءة اسم فاعل ، أي تحوّل إلى دار من يستعتب النازلين به في تلك الدار ؛ أي يعطيهم الرضا عن زلّاتهم ، ويعود إلى مسرّتهم ، راجعا عن الإساءة بها ، وهو اللّه تعالى .
في الصحاح : «أعتبني فلان : إذا عاد إلى مسرّتي راجعا عن الإساءة ؛ والاسم : العتبى ؛ واستعتب وعتب بمعنى ؛ واستعتب أيضا : طلب أن يعتب ، تقول : استعتبته فأعتبني ، أي استرضيته فأرضاني» . ۲
وفي تاج المصادر : «الاستعتاب : از كسى خواستن كه تو را خشنود كند ، و آشتى خواستن ، وبمعنى الإعتاب أيضا » انتهى .
وفيه أيضا : «الاعتاب : خشنود كردن».
وفي القاموس : «العُتبى ـ بالضمّ ـ : الرضا ؛ واستعتبه : أعطاه العُتبى كأعتبه ، وطلب

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۷۶ (عتب) .

2.الغارات ، ج ۱ ، ص ۵۴ . وعنه في وسائل الشعية ، ج ۱۵ ، ص ۱۱۰ ، ح ۲۰۰۸۷ ؛ وبحارالأنوار ، ج ۳۴ ، ص ۳۵۱ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 90225
صفحه از 688
پرینت  ارسال به