في الذِّكر الحكيم ، ولم يجعل ۱ بين العبد في ضعفه وقلّة حيلته ۲ أن يبلغ له ما سُمّي في الذِّكر الحكيم ، والعارف لهذا العاملُ به أعظم الناس راحةً في منفعة ، والتارك له الشاكُّ فيه أعظم الناس شُغُلاً في مضرّة» . ۳
وفي الصحيفة الكاملة في دعاء تعسّر الاُمور : «أنت المدعوّ للمهمّات ، وأنت المفزعُ في المُلمّات ، لا يندفع منها إلّا ما دفعتَ ، ولا ينكشف منها إلّا ما كشفتَ» . ۴
وفيه : «فلا مُصْدِرَ لما أوردتَ ، ولا صارف لما وجّهت ، ولا فاتح لما أغلقت ، ولا مغلق لما فتحت ، ولا مُيسِّر لما عسّرت ، ولا ناصر لمن خذلت » الدعاء . ۵
فمن عرف ذلك أيقن أنّ اللّه تعالى هو وليّ كلّ نعمة ، وبيده أزمّة الاُمور ، قد أغلق عنّا باب الحاجة إلّا إليه ، فاستغنى به تعالى عن غيره ، ورأى الغير بمنزلة الخزانة والكيس ، وأنّ ما وصل منه إليه ، فإن كان على الوجه المشروع ـ ولو كان بطريق القهر والغلبة ، كما في الغنائم وما أشبهها ـ فقد أعطاه اللّه رخصه في تناوله ، وإلّا فهو خائن سارق ، وإن أعطاه الغير بطيب نفسه ، وسيؤاخذ على الأخذ منه ؛ على أنّه لا يستطيع على ذلك أيضا إلّا بتخلية من اللّه وإرخاء عنان منه لحكمة ومصلحة هو أعلم بها .
وبالجملة : لا ضارّ ولا نافع ولا مُعطي ولا مانع إلّا اللّه ، فكيف يسأل محتاج محتاجا ؟ وأنّى يرغب معدمٌ إلى معدم ؟ وإذ قد علمت غناءك عن الخلق فليكن استغناؤك عنهم ، لا على وجه الخيلاء والتكبّر حتّى يقعوا في عرضك ، ويسعوا في زوال عزّك ، بل ينبغي أن يكون ذلك الاستغناء في نزاهة عرضك وبقاء عزّك ، مثل أن لا تزاحمهم فيما يريدون أن يتفرّدوا به ، ولا تتذلّل ولا تتخاضع لهم بلا ضرورة دينيّة .
وفي الصحيفة الكاملة زبور آل محمّد عليهم السلام : «ولا تجعل لفاجرٍ ولا كافرٍ عليَّ مِنَّةً ، ولا له عندي يَدا ، بل اجعل سكونَ قلبي وافتقاري وكفايتي بك وبخيار خلقك» . ۶
1.في المصدر : «ولم يَحُلْ» .
2.في المصدر : + «وبين» .
3.نهج البلاغة ، ص ۵۲۳ ، الحكمة ۲۷۳ .
4.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۵۲ ، الدعاء ۷ ؛ الإقبال ، ص ۱۲۱ ؛ المصباح للكفعمي ، ص ۲۳۳ .
5.المصدر .
6.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۱۰۲ ، الدعاء ۲۱ .