السليقة في مقام حلّ العبارات الشريفة القرآنيّة ، وإبداء الاحتمالات لها ، واستنباط المعاني الشريفة الغامضة منها ، وكذا في مقام عقد البراهين على المطالب الغير الدينيّة، وفي مقام ذكر مساوي الدنيا وآفات النفس ووجوه اغترارها وزللها ، وأسباب الزلل وعللها ، ويستبعد العقل كلّ الاستبعاد أن يخفى على من هذا شأنه حقيّة أمير المؤمنين عليه السلام مع كمال ظهورها وبطلان من عارضه وغصب حقّه مكرا وخديعة ، فيجوز بل يظنّ أنّ ما يكون ما أودعوه في كتبهم من التوجيهات الركيكة والاستدلالات الواهية على سبيل المجاملة واسترضاء جماعة من الحمقى المقلّدين ، وأهل البغض المتعصّبين ، حفظا للعرض والعيال ، وصونا للدِّماء والأموال ، ويقول : لعلّهم راعوا في تصوير تلك الأباطيل بصورة الحقّ وتمويهها وزخرفتها مصلحةً اُخرى أيضا زائدة على مصلحة التقيّة ، وهي أن يصل في غابر الزمان إلى نظر أرباب العقول السليمة ، والأذهان المستقيمة ، فيتفطّنوا من ظهور سقوط تلك الأباطيل وهن بنيانها ، وذكاء الآتين بها ، ومظهري الاعتماد عليها بأنّهم كانوا اُسراء جبابرة عصرهم ، لم يستطيعوا الخروج عن مملكتهم ، وإذ كانوا معروفين بالفضل المتوقّع منهم أن يصنّفوا في نصرة المذهب فعلوا ما فعلوا مجاملةً وتقيّةً ، فيترحّموا عليهم ، ويرقّوا لهم .
فمع هذا الاحتمال القويّ الظاهر عند اُولي البصائر كيف يجترأ باللعن عليهم والطعن فيهم ، مع أنّه ورد في الحديث أنّه : «إذا لعن أحد أحدا ، فإن كان ذلك مستحقّا له، وإلّا رجع إلى اللاعن» . ۱
فالحزم كفّ اللسان عنهم ، وأن يوكَلَ أمرهم إلى اللّه يفعل بهم ما يستحقّون ، وإن شاء ألبتّة أن يلعن عليهم على وجه الجزئيّة والخصوص ، فبقيد الشرط ، لا على سبيل الإطلاق ، بأن يُقال : اللهمَّ العن فلانا إن كان باطن أمره على وفق ظاهره .
فإن قلت : إنّهم ذكروا في كتبهم ما لا يدعو إليه ضرورة التقيّة .