أقول : قد نقل حكاية همام في نهج البلاغة مخالفة لما هاهنا . ۱قوله : (إنّ لكلِّ أجَلاً لا يَعدُوه ، وسَبَبا لا يُجِاوزُهُ) .] ح ۱ / ۲۲۸۰]
اعلم أنّه لا شكّ في أنّ الآجال كالأرزاق مقدّرة موقوتة ؛ لتظافر الأخبار بذلك ، إلّا أنّ الأجل من حيث إنّه أجل ـ أي مدّة معيّنة ـ ليس موجبا للموت أو الحياة ، بل هو ظرف الحياة ، وموجبها الحرارة الغريزيّة ، والموت انطفاؤها بسببٍ من الأسباب ؛ وكما أنّ الآجال مقدّرة ، كذلك الأسباب أيضا مقدّرة ، فلكلّ ذي حياة أجل قدّر أن يقارن انقضاؤه سببا خاصّا ، والأسباب متساوية الاقدام في إزهاق الروح وإزالة الحياة إلاّ أنّه عيِّن في التقدير الأزلي أن يكون سبب موت زيد ـ مثلاً ـ أكله الغذاء الفلاني الذي يفضي إلى استطلاق البطن ؛ لما به في وقت الأكل من حالة مزاجيّة توجبه ، أو شربه الدواء الفلاني الذي لم يكن مناسبا لمرضه ، أو سقوطه من سطح ، أو وقوعه في بئر ، أو مصادفته لذئب ، أو قتل عمرو إيّاه إلى غير ذلك ، وسبب موت همام استماع الموعظة البليغة المؤثّرة في النفس الزكيّة تأثيرا يفضي إلى إزهاق الروح بشرط أن يقارن انقضاء أجلها ، وربما أن يؤثّر في نفسٍ آخَرَ أضعافَ ذلك التأثير ولم يفضِ إلى الإزهاق ؛ لفقد الشرط . وخوف أمير المؤمنين عليه السلام على همام لعلمه بتأثّر نفسه الزكيّة كلَّ التأثّر من موعظته البليغة ، واحتمال تماميّة أجله المقدّر له ، ولزوم إفضاء التأثّر المقارن لتماميّة الأجل إلى الموت .
وإلى هذا التحقيق أشار عليه السلام : «إنّ لكلّ أجلاً لن يعدوه ، وسببا لا يجاوزه» أي ليس السبب المقدّر لموتي تأثيرَ هذه الموعظة في نفسي وإن كان على أكمل وجوه التأثير ؛ وذلك لأنّ الأجل المقدّر لي لم يتمّ بعد .
قوله :([وَقورٌ] عند الهزاهز) .] ح ۲ / ۲۲۸۱]
في القاموس : «الهزهزة والهزاهز : تحريك البلايا والحروب الناس» . ۲قوله : (ولا يَتَحامَلُ للأصدقاء) .] ح ۲ / ۲۲۸۱]
نصَّ على أنّ التحامل يتعدّى إلى المفعول بنفسه . وصاحب النهاية اعترف بذلك ،