لظاهر الحال ، أو رجاء الغلبة على الأقران ، وحصول الجاه بين الأمثال الناشئ من استخبار حال مدّعي الدين بحسب العاقبة والمآل من الكهنة وأهل الرياضات ، كما هو شأن أبناء الزمان في استخبار حال صاحب خروجٍ ظهر في عصر من الرمّالين والمنجّمين ، وإذا أخبروا بأنّه سيظهر على المعارضين ويرتفع أمره ، حصل لمن له داعية لجاهٍ ميلٌ قلبيّ إليه ، وتعاونه بيده ولسانه وماله حسب ما يرى من مصلحة الوقت.
ويظهر من النقل المعتبر أنّ إيمان الثاني كان مبتنيا على هذا ؛ نقل العلّامة الزمخشري في الفائق في الصاد مع الدال :
أنّ عمر سأل الاُسقف عن أحوال الخلفاء ، فحدّثه حتّى انتهى إلى نعت الرابع ، فقال : صدع من حديد. قال عمر : وادفراه . ثمّ فسّر الزمخشري الصدع بالوعل بين الوعلين ليس بالغليظ ولا بالشخت ، ثمّ قال: أي متوسّط في خلقه ، لا صغير ولا كبير شبهه في خفّته في الحروب ونهوضه على مزاولة صعاب الاُمور حين أفضى إليه الأمر بالوعل ؛ لتوغّله في شعفات الجبال والقلل الشاهقة . وجعل الصدع من حديد مبالغةً في وصفه بالبأس والخفّة والصبر في الشدّة . والمراد عليّ رضى الله عنهوما حدث في أيّامه من الفتن ، ومُني به من تقاتله أهل الإسلام ومناجزة المهاجرين والأنصار ، وملابسة الاُمور المشكلة ، والخطوب المعضلة ، ولذلك قال عمر : وادفراه . والدفر : النتن تضجّرا من ذلك واستفحاشا ۱ .
انتهى كلام الزمخشري في الفائق.
وقد استخبر عمر في هذا الأمر الكعب أيضا كما نقله صاحب النهاية ۲ .
وهذا حال أكثر أبناء الدنيا الذين في أنفسهم داعية الترفّع والجاه ، يستخبرون الكهنة والرمّالين ولو كانوا من غير مذهبهم ، ويتهيّأون لمقدّمات ما أخبروا ، ويدبّرون التدبيرات المناسبة .
ويعضد هذا النقل ما روي أنّ سنّيّا قال لشيعي : لاُوقعنّك في مضيق لا تجد مخرجا