419
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

فبقي المصرّ الذي مات بلا توبة وبلا مطهّر من اللوث الذي به ، فهو خبيث ؛ إمّا خباثة تزول بالتعذيب ، فمثله كمثل من عرض له الكظّة ولين البطن ، ويقبل العلاج بشرب الدواء المرّ ، وحال مذنبي أهل الدِّين الذين لم يكفّر ذنوبهم ذلك ؛ فإنّ ذنبهم على وجه الغرّة والزلّة ، لا على وجه التكبّر والمحادّة ؛ وإمّا خباثة لا تزول بالتعذيب ، ولو اُزيل بعض آثارها به جدّدته المادّة الكامنة عقيب الزوال كإبليس وجنوده ، فخلقهم لمصالح لا يحيط بها علما إلّا اللّه تعالى ، وهم بمنزلة الأفاعي والعقارب وسائر الهوامّ والسوامّ التي علمنا على الإجمال أنّها خلقت لمصالح ، وإضرارها لمن أضرّت على علم من اللّه داخل في التدبير الأزلي ، فتعذيب اُولئك الأخبثاء دائمي لا ينقطع ؛ لأنّ الخبث الذاتي وإن لم يقبل الزوال بالتعذيب إلّا أنّه داع إلى أسوء السيّئات ، وهو التكبّر على المصطفين ، وبه يحصل خبث عارضي يزول بالتعذيب ، وكلّما اُزيل تجدّد من مادّة كامنة باقية .
وهاهنا إشكال عويص ، وهو أنّ العقل حاكم حكما قطعيّا أنّ الغنيّ بالذات الحكيم الجواد الرؤوف بالعباد لم يخلق الخلق ليعذّب من يخالف أمره مع علمه الذاتي بوقوع المخالفة بعد إتمام الحجّة ، سيّما التعذيب بنار تذر العظامَ رميما ، وتُسقي أهلها حميما ، نار لا تبقي على من تضرّع إليها ، ولا ترحم من استعطفها ، يأكل بعضها بعضا ، ويصول بعضها على بعض ، وسيّما التعذيب الدائم الذي لا ينقطع أبدا ، فكيف تكون الحال والحال أنّ أنبياءه ورسله الصادقين عليهم السلام أخبروا بأنّ جميع ذلك سيقع في يوم الجزاء ؟
وحلّ هذا الإشكال بعد تمهيد مقدّمة هي أنّ اللّه تعالى علم من العلم بذاته معانيَ لكلّ منها خصوصيّة هو بها هو ، وذلك قبل مرتبة الخلق والتقدير ، فلكلّ باعتبار خصوصيّته شهوة وميل ذاتي إلى الحسنات أو السيّئات ليس من جهة الغير ، ويشهد لذلك قوله تعالى : «مَا أصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّه وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»۱ ،

1.النساء (۴) : ۷۹ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
418

قوله : (عن واضحة) .] ح ۵ / ۲۴۱۵]
في القاموس : «الواضحة : الأسنان تبدو عند الضحك» . ۱قوله : (ولا يأمَنِ البيات) .] ح ۵ / ۲۴۱۵]
في الصحاح : «بَيَّت العدوَّ، أي أوقع بهم ليلاً ، والاسم البيات» . ۲
أقول : «بيّت» من باب التفعيل ، و«العدوّ» منصوب .
وفي القاموس : «بيّت الأمرَ : دبّره ليلاً ؛ والعدوَّ : أوقع بهم ليلاً» . ۳
وفي المجمل : «البيات والتبييت : أن يأتي العدوّ ليلاً» . ۴قوله : (الأخذُ على المعاصي) .] ح ۶ / ۲۴۱۶]
أي عاجلاً كما في الاُمم السالفة .
قوله : (لا يَدْخُلَها إلّا طيّبٌ) .] ح ۷ / ۲۴۱۷]
أي عن لوث المعصية ، ووجه الحصر أنّه إذا أذنب أحد ذنبا وكان في نيّته أن لا يعود إليه لكونه خلاف حكم اللّه ، فهو تائب لا محالة ، والتائب محبوب للّه ، كما أخبر به في قوله : «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ»۵ فهو من الطيّب الداخل في الجنّة ألبتّة ، ومن لم يكن في نيّته ذلك ، بل بحيث إذا عرض له ذلك الذنب أو مثله لم يمتنع منه ، فهو المصرّ وإن كان الإصرار يستلزم زمانا معتدّا به ، فينبت على الذنب المصرْ عليه اللحم ألبتّة .
وليس المراد بالذنب في قوله عليه السلام : «ما نبت» خصوص أكل الحرام ، كما يشهد به قوله عليه السلام : «عليه» وإلّا قيل : ما نبت به اللحم ، أو منه .
ثمّ المصرّ إن وُفّق للتوبة ولو بعد حين ، فهو أيضا من الطيّب الداخل في الجنّة ، وإن لم يتب فإن كان ممّن يكفّر ذنبه بشدّة النزع عند خروج الروح ، وبأمثاله من أهوال البرزخ أو بشفاعة الشافعين ، فهؤلاء أيضا من الطيّب ، وذنوب جميعهم من الذنوب المرحوم صاحبها .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۵۵ (وضح) .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۴۵ (بيت) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۴۴ (بيت) .

4.مجمل اللغة، ج ۱، ص ۱۴۰ (بيت).

5.البقرة (۲) : ۲۲۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65444
صفحه از 688
پرینت  ارسال به