«فِى مَسْكَنِهِمْ» : في مواضع سكناهم ، وهي باليمن يُقال لها «مأرب» بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث .
«ءَايَةٌ جَنَّتَانِ» المراد جماعتان من البساتين «عَن يَمِينٍ وَ شِمَالٍ» : جماعة عن يمين بلدهم ، وجماعة عن شماله ، أو بستانا كلّ رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله .
«كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ» . الأمر العرم ، أي الصعب ، أو المطر الشديد ، أوالجرذ ، أضاف إليه السيل ؛ لأنّها نقبت عليهم سكرا ضربت لهم بلقيس تلفت به الشجر ۱ وتركت فيه نقبا ۲ على مقدار ما يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سكرا على أنّه جمع «عرمة» وهي الحجارة المركومة ؛ وقيل : اسم وادٍ جاء السيل من قِبَله، وكان ذلك بين عيسى ومحمّد عليهماالسلام .
«وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ» : مُرّ بَشِعٍ ، فإنّ الخمط كلّ نبت أخذ طعما من مرارة . وقيل : الأراك ، أو كلّ شجر لا شوكة له ، والتقدير : أكل أكلَ خمط ، فحذف المضاف ، واُقيم المضاف إليه مقامه في كونه بدلاً أو عطف بيان .
«وَأَثْلٍ وَشَىْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ» معطوفان على «أُكُل» لا على «خمط» لأنّ الأصل هو الطرفاء ولا ثمر له . ووصف السدر بالقلّة لأنّ جناه ـ وهو النبق ـ ممّا يطيب أكله ، ولذلك يغرس في البساتين ، وتسمية البدل بجنّتين للمشاكلة أو التهكّم .
«وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا» بالتوسعة على أهلها وهي قرى الشام «قُرًى ظَاهِرَةً» : متواصلة يظهر بعضها لبعض ، أو راكبة متن الطريق ، ظاهرة لأبناء السبيل .
«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ» بحيث يقيل الغادي في قرية ، و يبيت الرائح في قِرية إلى أن يبلغ الشام .
«سِيرُوا فِيهَا لَيَالِى وَأَيَّاما آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا» أشَروا النعمة وملّوا العافية كبني إسرائيل ، فسألوا اللّه أن يجعل بينهم وبين الشام مفاوزَ ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل وتزوّد الأزواد ، فأجابهم اللّه بتخريب القرى المتوسّطة .