425
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

«فِى مَسْكَنِهِمْ» : في مواضع سكناهم ، وهي باليمن يُقال لها «مأرب» بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث .
«ءَايَةٌ جَنَّتَانِ» المراد جماعتان من البساتين «عَن يَمِينٍ وَ شِمَالٍ» : جماعة عن يمين بلدهم ، وجماعة عن شماله ، أو بستانا كلّ رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله .
«كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ» . الأمر العرم ، أي الصعب ، أو المطر الشديد ، أوالجرذ ، أضاف إليه السيل ؛ لأنّها نقبت عليهم سكرا ضربت لهم بلقيس تلفت به الشجر ۱ وتركت فيه نقبا ۲ على مقدار ما يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سكرا على أنّه جمع «عرمة» وهي الحجارة المركومة ؛ وقيل : اسم وادٍ جاء السيل من قِبَله، وكان ذلك بين عيسى ومحمّد عليهماالسلام .
«وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ» : مُرّ بَشِعٍ ، فإنّ الخمط كلّ نبت أخذ طعما من مرارة . وقيل : الأراك ، أو كلّ شجر لا شوكة له ، والتقدير : أكل أكلَ خمط ، فحذف المضاف ، واُقيم المضاف إليه مقامه في كونه بدلاً أو عطف بيان .
«وَأَثْلٍ وَشَىْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ» معطوفان على «أُكُل» لا على «خمط» لأنّ الأصل هو الطرفاء ولا ثمر له . ووصف السدر بالقلّة لأنّ جناه ـ وهو النبق ـ ممّا يطيب أكله ، ولذلك يغرس في البساتين ، وتسمية البدل بجنّتين للمشاكلة أو التهكّم .
«وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا» بالتوسعة على أهلها وهي قرى الشام «قُرًى ظَاهِرَةً» : متواصلة يظهر بعضها لبعض ، أو راكبة متن الطريق ، ظاهرة لأبناء السبيل .
«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ» بحيث يقيل الغادي في قرية ، و يبيت الرائح في قِرية إلى أن يبلغ الشام .
«سِيرُوا فِيهَا لَيَالِى وَأَيَّاما آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا» أشَروا النعمة وملّوا العافية كبني إسرائيل ، فسألوا اللّه أن يجعل بينهم وبين الشام مفاوزَ ليتطاولوا فيها على الفقراء بركوب الرواحل وتزوّد الأزواد ، فأجابهم اللّه بتخريب القرى المتوسّطة .

1.في المصدر : «فحقنت به ماء الشجر» .

2.في المصدر : «نقبا» .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
424

كان يخرج أبوهم . «فَطَافَ عَلَيْهَا» أي على الجنّه «طائِفٌ» أي بلاء . ۱قوله : (إلّا أضحاها للشمس) .] ح ۱۸ / ۲۴۲۸]
في القاموس : «أضحى الشيء : أظهره» . ۲قوله :«بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم»۳.] ح ۲۰ / ۲۴۳۰]
في القاموس : «الرَّين : الطبع والدنس . ران ذنبه على قلبه [: غلب]» . ۴قوله : (هؤلاء قوم) إلى آخره .] ح ۲۳ / ۲۴۳۳]
المشار إليه «هؤلاء» هم الذين أخبر اللّه تعالى عنهم بقوله : «فِى مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ»۵ إلى آخره ، على أنّ قوله تعالى : «وجَعَلْنا»۶ بيان تتمّة الإحسانات التي فعل باُولئك بأعيانهم ، فهو عطف على فعل مفهوم من قوله : «لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ» إلى قوله : «كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ»۷ ؛ أي أنعمنا عليهم الموصوفين وجعلنا بينهم ، إلى آخره .
وربّما يستبق إلى الوهم في أوّل النظر من ذكر «وجَعَلْنا» بعد قوله : «ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا»۸ أنّ المقصود ذكر معاملة اُخرى من اللّه مع تلك الجماعة ؛ كأنّه قيل : ثمّ عاشوا بعد إرسال العرم عليهم وتبديل الجنّتين ، فعمّروا مساكنهم ثانيا «وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِى» إلى آخره ، فطغوا مرّة ثانية ، فظلموا أنفسهم ، فأخذناهم بذنبهم ثانيا ، ومثل هذا الحذف والتقدير كثير في القرآن .
ويدفع هذا الوهم قوله عليه السلام : «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة» إلى قوله : «فأرسل اللّه عليهم سيل العرم» وقوله : «فأبدل مكان جنّاتهم جنّتين ذواتي أكل خمط» إلى آخره ؛ فلا تغفل .
وفي تفسير البيضاوي :
«لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ» : لأولاد سبأ بن يشخب ۹ بن يعرب بن قحطان .

1.أنوار التنزيل ، ج ۵ ، ص ۳۷۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۵ ، ص ۲۱۲۹ (رين) .

3.المطفّفين (۸۳) : ۱۴ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۳۰ (رين) .

5.سبأ (۳۴) : ۱۵ .

6.سبأ (۳۴) : ۱۸ .

7.سبأ (۳۴) : ۱۷ .

8.في المصدر : «يشجب» .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65363
صفحه از 688
پرینت  ارسال به