453
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

الكريم الذي تفضّل عليك بما تفضّل به أوّلاً، هو متفضّل عليك آخرا ، فربطه في المعاصي .
وقيل للفضيل بن عياض : إن أقامك اللّه يوم القيامة وقال لك : «مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» ماذا تقول ؟ قال : أقول : غرّتني ستورك المرخاة .
وعن يحيى بن معاذ : أقول : غرّني بك برّك بي سالفا وآنفا . [و]ره: أنّه سبحانه إنّما «ذكر الكريم» من بين سائر أسمائه لأنّه كان لقّنه الإجابةَ حتّى يقول : غرّني كرم الكريم . ۱
أقول : يظهر من كلام أمير المؤمنين عليه السلام أنّ ذكر الكريم تقريع وتوبيخ لمن مات على معصية ربّه بلا توبة مع ما رأى في نفسه من صنوف آثار كرمه وإحسانه، ومن أعظمها أنّا أغفلنا عن كثير من وظائف فروضه ، وتعدّينا عن مقامات حدوده إلى حرمات انتهكناها ، وهو ـ جلّت نعماؤه وجسمت آلاؤه ـ يستر علينا تكرّما ، ويتأنّى بنا وينتظر مراجعتنا تحلّما ، ولم يبتدرنا بعقوبته ، ولم يعاجلنا بنقمته ، ومع هذا كلّه دلّنا على التوبة وحثّنا عليها ، ووعدنا القبولَ ، فقال : «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا»۲ ، وقال : «وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا ثُمَّ اهْتَدَى»۳ ، فالتمادي على المعصية إلى الخروج إلى دار الجزاء بلا التوبة والاستغفار غاية الغفلة ، ونهاية الاغترار خصوصا ، وقد سمع اللّه ـ عزّ من قائل ـ يقول : إنّه سينالهم عن ذلك ، فلينظر ناظر بعقله هل الغرض في الإخبار تنبيههم عن نوم الاغترار ، وتخويفهم عن السؤال ، أو إغراؤهم على ما هم عليه ؟
وفي نهج البلاغة :
ومن كلام له عليه السلام قاله عند تلاوته : «يَا أَيُّهَا الْاءِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» :
أدْحَضُ مسؤولٍ حجّةً ، وأقطعُ مغترٍّ معذرةً ، لقد أبْرَحَ جَهالةً بنفسه ، يا أيُّها الإنسانُ ما جرّأك على ذنبك ؟ وما غرّك بربّك ؟ وما آنسك بهُلكة نفسك ؟ أمّا دائك ۴ بُلولٌ ، أم ليس

1.جوامع الجامع ، ج ۳ ، ص ۷۴ .

2.نوح (۷۱) : ۱۰ .

3.طه (۲۰) : ۸۲ .

4.في المصدر : «أما من دائك» .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
452

المقتول ، أي شدّها في عقلها ليسلّمها إليهم ويقبضونه منهم ، فسمّيت الدية عقلاً بالمصدر ، وكان أصل الدية الإبل ، ثمّ قوّمت بعد ذلك بالذهب والفضّة والبقر والغنم وغيرها . ۱ انتهى .
فالمراد بالعقلة التدارك المالي إذا كان الذنب متعلّقا بحقّ الناس .
قوله : (وبدا له ما لم يكن يَحتسِبُ) .] ح ۱ / ۲۸۶۶ ]
ناظر إلى قوله تعالى : «وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ»۲ .
قوله : (كما اغترّ بربّه الكريم) .] ح ۱ / ۲۸۶۶ ]
ناظر إلى قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الْاءِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ»۳ .
في القاموس :
غرّه غرّا وغرورا وغرّة ـ بالكسر ـ : خدعه وأطمعه بالباطل ، فاغترّ هو . والغَرور : الدُّنيا وما غرّك ، أو يخصّ بالشيطان ، وبالضمّ : الأباطيل ، جمع : غار . والغارّ : الغافل ؛ واغترّ : غفل . والاسم : الغرّة بالكسر . ۴
وفي الصحاح : «الغرّة : الغفلة ، والغار: الغافل ؛ تقول منه : اغتررت يا رجل ، واغترّه، أي أتاه على غرّة منه . واغتّر بالشيء : خُدِعَ به» . ۵
وفي القاموس حيث عدّ معاني الباء : «وللمجاوزة كعن ، وقيل : يختصّ بالسؤال «فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرا»۶ ، أو لا يختصّ ، نحو : «وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ»۷ و «مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ»۸ » ۹ .
في جوامع الجامع للشيخ أبي عليّ الطبرسي قدس سره :
«مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ» أي أيّ شيء خدعك بخالقك حتّى عصيته وخالفته؟ وعن النّبي صلى الله عليه و آله «غرّه جهله» . و عن الحسن : غرّه واللّه شيطانه الخبيث ، قال له : إِفعل ما شئت فربّك

1.النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۷۸ (عقل) .

2.الزمر(۳۹) : ۴۷ .

3.الانفطار (۸۲) : ۶ .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۱ (غرر) .

5.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۶۸ (غرر) .

6.الفرقان(۲۵) : ۵۹ .

7.الفرقان (۲۵) : ۲۵ .

8.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۰۸ (الباء) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65446
صفحه از 688
پرینت  ارسال به