55
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

و«تعدل» عطف على «تشرك» و«اُمرت» بصيغة المتكلّم المعلوم ، ويجوز أن يكون بصيغة المخاطب المجهول .
وقوله : (ثمّ عطف القول على الوالدين). [ح 79 / 1166]
يعني ثمّ رجع من إرادة ابن حنتمة وصاحبه بالتثنية إلى إرادة الوالدين المذكورين أوّلاً، فقال : «وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفا» 1 .
وقوله عليه السلام : (يقول : عَرِّفِ الناسَ فَضْلَهما). [ح 79 / 1166]
يعني مصاحبةُ النبيّ والوصيّ بالمعروف أن تعرّف الناس فضلهما ، أي تنشر بينهم فضائلهما التي وفّقك اللّه لمعرفتهما ، وذلك قوله : «وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ» 2 .
يعني دلّت هذه الآية على وجوب متابعة من له الرجوع والإنابة إلى اللّه ، فدلّت بفحواها على وجوب دعوة إلى اللّه بالقول والعمل ، أي الكون بحيث يتأسّى به الناس ويقبلون دعوته .
أقول: مثل هذا الحديث ما سبق في «باب إنّا أنزلنا» حيث قيل : أخبرني عن تفسير «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» 3 قال ـ يعني الصادق عليه السلام ـ : «في أبي فلان وأصحابه ، واحدةٌ مقدّمة ، وواحدةٌ مؤخّرة. «لَا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ» ممّا خصّ به عليّ عليه السلام . «وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» من الفتنة التي عرضَتْ لكم بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله » 4 الحديث ؛ شطر منه ورد فيهم عليهم السلام ، وشطر آخر في غاصبي حقّهم .
وربّما يختلج ببال من لا معرفة له بضروب أساليب كلام الفصحاء أنّه كيف تكون آية واحدة مشتملةً على خطابين ، كلّ منهما لجماعة؟ وبسبب هذا الاختلاج لا يطمئنّ قلبه في تصديق أمثال هذا الحديث ؛ فلنذكر لأجل اطمئنان قلوب المؤمنين جملاً ذكرها السيّد الجليل غوّاص بحار الفضل ، نقّاد فنون العلم المرتضى ، الملقّب بعلم الهدى في كتاب تنزيه الأنبياء في قوله تعالى : «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا

1.لقمان : ۱۵ .

2.الحديد (۵۷) : ۲۳ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۴۶ ، ح ۱ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
54

قوله : (هما اللذان وَلَدا العلمَ) . [ح ۷۹ / ۱۱۶۶]
ذكر في القاموس :
التوليد : التربية ، ومنه قول اللّه عزّ وجل لعيسى بن مريم : «أنت نبيّي وأنا ولّدتك» أي ربّيتك، فقالت النصارى : [أنت بنيي وأنا] ؛ تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا ۱ .
أقول : كان المتعارف في القديم إطلاق الأب على المربّي أيضا ، وإطلاق الابن على المربّى ، ففي الفصل الثالث والأربعين من إنجيل يوحنّا ـ الذي هو أحد الأناجيل الأربعة المتداولة بين النصارى ـ ما هذه عبارتهم في تفسيرهم إيّاه ، وعندي الإنجيل باسمة فرنك وقد نقشت بلغتهم ولغة العرب معا : «إنّي صاعد إلى أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم» انتهى .
والإله له بمعنى المعبود ؛ لأنّه من أَلِههُ بمعنى عبده ، ولهذا قال عيسى عليه السلام بعد قول اللّه تعالى : «وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ» إلى قوله : «مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَا مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ»۲ فقول عيسى عليه السلام : إنّي ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ، ممّا يعتبر به المعتبرون ، ويفحم به الجاحدون ، ويهتدى به إن شاء اللّه المسترشدون . والآية في سورة لقمان .
قوله : (على ابن حَنْتَمَةَ) . [ح ۷۹ / ۱۱۶۶]
في القاموس في الحاء المهملة والتاء المثنّاة من فوق : «حنتمة بلا لام : بنت ذي الرمحين أُمّ عمر بن الخطّاب ، وليست باُخت أبي جهل كما وهموا ، بل بنت عمّه» ۳
انتهى .
والمراد أنّ ضمير التثنية في «اُمر الناس بطاعتهما للوالدين اللذين ولدا العلم وورّثا الحكم» يعني النبيّ والوصيّ صلوات اللّه وسلامه عليهما ، وضمير التثنية في «جاهداك» لابن حنتمة وصاحبه ، يعني الأوّل والثاني .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۴۷ (ولد).

2.المائدة (۵) : ۱۱۶ ـ ۱۱۷ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۰۲ (حنتم) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 90197
صفحه از 688
پرینت  ارسال به