57
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

يعني آيات القيامة والهلاك الكلّي ؛ لقوله : «أَوْ يَأْتِىَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ» يعني أشراط الساعة. «يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا» كالمحتضر ؛ إذ صار الأمر عيانا والإيمان برهاني «لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ» صفة نفسا «أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَـنِهَا خَيْرًا» 1 عطف على «آمنت» . والمعنى أنّه لا ينفع الإيمان حينئذٍ نفسا غير مقدّمة إيمانها ، أو مقدّمة إيمانها غير كاسبة في إيمانها خيرا ، وهو دليل لمن لم يعتبر الإيمان المجرّد من العمل . والمعتبر تخصيص هذا الحكم بذاك اليوم ، وحمل الترديد على اشتراط النفع بأحد الأمرين على معنى لا ينفع نفسا خلت عنها إيمانها ، والعطف على لم يكن بمعنى لا ينفع نفسا إيمانها الذي أحدثته حينئذٍ وإن كسبت فيه خيرا 2 . انتهى .
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم : «قال : إذا طلعت الشمس من مغربها ، فكلّ من آمن في ذلك اليوم لم ينفعه إيمانه» 3 .
قوله : (قلت: قوله : «إِلَا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ» 4 ؟) . [ح 83 / 1170]
يعني سأل أنّ «مَن» عبارةٌ عن مَن؟ فأجاب عليه السلام بأنّه عبارة عن شيعتنا .
قوله : (يقول : لطاعة الإمام الرحمة) . [ح 83 / 1170]
لمّا كانت الطاعة سببا للرحمة عبّر عنها بها ، وأصل علّه الخلقة الجود والرحمة الذاتي، وهو يدعو بالذات إلى خلقة الطينات الطيّبة ، وإلى خلقة الطينات الخبيثة بالعرض ؛ لأنّ الحكمة اقتضت أن تكون الطينات الخبيثة سببا لانتفاع الطينات الطيّبة بأن يرتفع درجاتهم ، ويتضاعف مثوباتهم بتحمّل الأذى منهم والصبر على ذلك، وينتفعوا بهم في الدنيا أيضا بأن يشغل اللّه تعالى بعض الظالمين ببعض ، فيصيروا من بينهما سالمين ، ثمّ إذا حان حين وفودهم على اللّه استشهدوا بأيديهم ، فارتقوا إلى درجات جرت سنّة اللّه أن لا يبلغ تلك الدرجات إلّا بالشهادة ، فالمؤمنون خلقوا للرحمة ، ولطاعة الإمام التي هي تفضي بهم إليها .
ولمّا كان هذا الاختصاص مظنّة أن يقال : فما معنى قوله تعالى : «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ

1.البقرة (۲) : ۲۱۰ .

2.أنوار التنزيل ، ج ۲ ، ص ۴۷ .

3.تفسير القميّ ، ج ۱ ، ص ۲۲۲ .

4.هود (۱۱) : ۱۱۹ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
56

زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» 1 .
أنّ الكناية في قوله : «جَعَلَا» غير راجعة إلى آدم وحوّا ، بل إلى الذكور والإناث من أولادهما ، أو إلى جنسين ممّن أشرك من نسلهما ، وإن كانت الكناية الاُولى تتعلّق بهما ، ويكون تقدير الكلام : فلمّا آتى اللّه آدم وحوّا الولد الصالح الذي تمنّياه وطلباه ، جعل كفّار أولادهما ذلك مضافا إلى غير اللّه .
ويقوّي هذا التأويل قوله تعالى : «فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» . وهذا يبتني على أنّ المراد بالتثنية ما أردناه من الجنسين أو النوعين ، وليس يجب ـ من حيث كانت الكناية المتقدّمة راجعةً إلى آدم وحوّا ـ أن يكون جميع ما في الكلام راجعا إليهما ، لأنّ الفصيح قد ينتقل من خطاب مخاطب إلى خطاب غيره ، ومن كناية إلى خلافها ، قال اللّه تعالى : «إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا لِتُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ» 2 فانصرف من مخاطبة الرسول إلى مخاطبة المرسل إليهم ، وقال «وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ» يعني الرسول صلى الله عليه و آله ، ثمّ قال: «وتسبّحوه» 3 يعني مرسل الرسول ؛ فالكلام واحد متّصل بعضه ببعض ، والكناية مختلفة كماترى 4 .
أقول : ثمّ استشهد لهذا الباب بعدّة أشعار الفصحاء والقدماء .
قوله : «لَا يَنْفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا» 5 . [ح 81 / 1168]
في سورة الأنعام .
وفي تفسير القاضي:
«هَلْ يَنْظُرُونَ» أي ما ينتظرون ـ يعني أهل مكّة ـ وهم ما كانوا منتظرين لذلك ، ولكن لمّا كان يلحقهم لَحْقَ المنتظر شبّهوا بالمنتظرين «إِلَا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ» : ملائكة الموت أو العذاب ، [وفي النحل]ْ يَأتِي رَبّك» يعني أمره بالعذاب ، أو كلّ آياته ؛

1.الأعراف (۷) : ۱۸۹ ـ ۱۹۰ .

2.الفتح (۴۸) : ۸ ـ ۹ .

3.الفتح (۴۸) : ۹ .

4.تنزيه الأنبياء ، ص ۳۰ .

5.الأنعام (۶) : ۱۵۸ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 90181
صفحه از 688
پرینت  ارسال به