71
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

وبقيت بنو هاشم وبنو المطّلب في الشعب ثلاث سنين مقطوعا عنهم الميرة والتفقّد حتّى ضاقت بهم الحال ، وجعل صبيانهم يتضايعون من الجوع ، ثمّ سلّط اللّه الاُرضة على الصحيفة ، فأكلت منها كلّ ما كان فيها من ذكر جور وقطيعة رحم، وتركت ما كان فيها من اسم اللّه ، وأوحى بذلك إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فذكر لعمّه أبيطالب ، فاجتمعت بنو هاشم وبنو المطّلب ، ولبسوا أحسن ثيابهم ، فخرجوا إلى الحِجر ، وجلسوا مجالس ذوي الأقدار من قريش ، ثمّ قال أبو طالب : يا معشر قريش ، إنّا قد جئناكم لأمر ، فأجيبوا فيه بالمعروف . فقالوا: مرحبا بك ، فقل ما تحبّ ، فعندنا ما يسرّك . فقال أبو طالب : إنّ محمّدا أخبرني ولم يكذبني قطّ ؛ أنّ اللّه تعالى سلّط على صحيفتكم الاُرضة ، فلحست كلّ ما كان فيها من ذكر جور وقطيعة رحم ، وترك ما كان فيها من ذكر اللّه ، فإن كان صادقا نزعتم عن سوء رأيكم ، وإن كان كاذبا دفعته إليكم فقتلتموه أو استبقيتموه . فقالوا : قد أنصفتنا ، ثمّ تمالأت جماعة من قريش في نقض شأن الصحيفة ، فلمّا اُحضرت ونشرت إذا هي كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فعند ذلك سُقط القوم في أيديهم ، وعلموا أنّهم كانوا ظالمين ، ثمّ مزّقت الصحيفة ، وخرج الناس من الشعب وتخالطوا من بعضهم بعضا ، ثمّ عادت قريش لعداوتها ؛ فهذا معنى قوله عليه السلام : «إنّ بني المطّلب لم يفارقونا في جاهليّة» . انتهى .
والغرض من النقل عن المطرزي أن يعلم أنّ أهل الخلاف اعترفوا من حيث لا يشعرون أنّ أبا طالب كان مؤمنا حيث نقلوا قوله : «إنّ محمّدا أخبرني ولم يكذبني قطّ».
وفي قصيدته اللاميّة المشهورة بين الخاصّة والعامّة :

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذّبلدينا ولا يعبأ بقول الأباطل۱
وسننقل قدرا وصل إلينا من هذه القصيدة إن شاء اللّه تعالى .
قوله : (شَنَأَ المُقامَ بمكّة) .
في الصحاح : «الشناءة مثل الشناعة : البغض» .
قوله : (حين أوجبتُ لك الطاعةَ على خَلْقي) . [ح ۴ / ۱۱۹۵]

1.إيمان أبي طالب للشيخ المفيد ، ص ۲۱ ؛ روضة الواعظين ، ص ۱۳۹ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج ۱۴ ، ص ۷۹ ؛ البداية والنهاية لابن كثير ، ج ۳ ، ص ۷۴ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
70

قوله : (وهو ابن ثلاث وستّين سنة) .
في شرح الفاضل الصالح : «مثله في طرق العامّة عن أنس ، وعن عائشة وعن ابن عبّاس في إحدى الروايتين عنه ، وفي الاُخرى : توفّاه اللّه وهو ابن خمس وستّين» ۱ .
قوله : (وتزوّج خديجةَ وهو ابنُ بِضْعٍ وعشرين سنة) .
في النهاية :
البضع في العدد ـ بالكسر ، وقد يفتح ـ : ما بين الثلاث إلى التسع . وقيل : ما بين الواحد إلى العشرة ؛ لأنّه قطعة من العدد .
وقال الجوهري : تقول : بضع سنين ، وبضعة عشر رجلاً ، فإذا جاورت لفظ العشرة ، لا تقول : بضع وعشرون ، وهذا يخالف ما جاء في الحديث ۲ .
انتهى كلام صاحب النهاية .
قوله : (وروي أيضا [أنّه] لم يولد) .
يجيء هذه الرواية في كتاب الروضة في حديث السلام على عليّ عليه السلام ، والحديث طويل قال فيه عليّ بن الحسين عليهماالسلام : «ولم يولد لرسول اللّه صلى الله عليه و آله من خديجة على فطرة الإسلام إلّا فاطمة عليهاالسلام» ۳ .
قوله : (حين خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من الشعب) .
حكاية الشعب من المتواترات ، قال المطرزي في المغرب نقلاً عن الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد البيهقي ، عن أبيه ، عن دلائل النبوّة له ، قال:
إنّ قريشا لمّا أبى رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلّا المضيّ على أمره ، ورأت أنّ أبا طالب لا يخذل رسول اللّه صلى الله عليه و آله تظافروا على نصب العداوة لبني هاشم وبني المطلّب ؛ لأنّهم كانوا يدا واحدة في الذبّ عنه ، وكتبوا صحيفة وتعاقدوا فيها على قطع الرحم من بني هاشم وبني المطّلب ، وأن لا يظاهروهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يخالطوهم ، وعلّقوها في الكعبة ، فلمّا رأى أبو طالب ذلك دخل شعبه ببني هاشم وبني المطلّب غير أبي لهب ؛ فإنّه دخل في عقد قريش ولم يوافق بني هاشم ، فتحصّنوا بالشعب ، وكانت حظّ هاتين القبيلتين فيه ،

1.شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ۷ ، ص ۱۴۳ .

2.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۳۳ .

3.الكافي ، ج ۸ ، ص ۳۴۰ ، ح ۵۳۶ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93587
صفحه از 688
پرینت  ارسال به