يسمع منكم العذر بأنّي لم أجن ذنبا ، فلأيّ علّة تهلكني ويتّكل على عدم الجناية فيطمع البقاء ، بل يكون الكلّ عنده سواء ؛ إذ لا محيص عنه ولابدّ منه ، فخذوا اُهبتكم قبل أن يحلّ بكم ، واتّقوا يوما : «لَا يَنْفَعُ نَفْسا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»۱ وليعدّ أحدكم لغده قبل أن يخرج الأمر من يده .
قوله :
(وأبيضُ يُستسقى الغمامَ بوجههثِمالُ اليتامى عِصمَةٌ للأرامل). [ح ۲۹ / ۱۲۲۰]
هذه القصيدة شائعة مستفيضة بين الخاصّة والعامّة ؛ قال ابن الأثير في النهاية في الثاء المثلّثة : «وفي شعر أبي طالب يمدح محمّدا صلى الله عليه و آله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجههثمال اليتامى عصمة للأرامل
الثمال ـ بالكسر ـ : الملجأ والغياث . وقيل : هو المطعم في الشدّة» ۲ .
وقال في الباب الموحّدة مع الزاي : «وفي قصيدة أبي طالب يعاتب قريشا في أمر النبيّ صلى الله عليه و آله :
كذبتم وبيت اللّه يبزى محمّدولمّا نطا عن دونه ونناضل
أراد لا يبزى ، فحذف «لا» في جواب القسم وهي مرادة ، أي لا يقهر ولم نطاعن عنه وندافع» ۳ .
أقول : في الصحاح : «بزى عليه يبزو ، أي تطاول ؛ وأبزى فلانا : إذا غلبه وقهره» ۴ انتهى .
وبناء كلام صاحب النهاية على أنّ «يبزى» بالبناء للمفعول ، وأنّه هو الجواب القسم ؛ وإذ لابدّ من التلقّي بإحدى الثلاث قدّر «لا» والمعنى : كذبتم في قولكم إنّ محمّدا يصير عن قريب مغلوبا لنا ، فبحقّ بيت اللّه أنّه لا يُغلب ولم نطاعن دونه ونناضل ، فكأنّه يقول: إنّ غلبتكم إيّاه معلّق على إراقة دمائنا فرسانِ بني هاشم وبني المطّلب أجمع ، فلا تطعموا بها ولا تتمنّوها وأنتم تعرفوننا .