وعلى هذا لا يبعد إبقاء السياحة على معناه الأصلي ، وتعليق «لربّهم» بالسائحين على أن يكون المراد بالمقسم به الأوّلِ الحاجَّ الذين يسيحون نحو بيت اللّه الحرام، وبالمقسم به الثاني رواحلَهم وزواملهم هذا ، ومن أبيات هذه القصيدة ما أورده صاحب الصحاح في العين من اللام حيث قال : «وقال أبو طالب :
بميزان صدق لا يغلّ شعيرةله شاهد من نفسه غير عائل».۱
وهذا البيت أورده الصدوق ـ قدّس اللّه روحه ـ في كتاب التوحيد على وجه آخر؛ حيث قال في تفسير قول اللّه تعالى : «اللّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»۲ :
ولأبي طالب في مدح رسول اللّه مثل ذلك في قصيدته اللاميّة حين يقول : (شعر)
وما مثله في الناس سيّد معشرإذا قايسوه عند وقت التخاصل۳
فأيّده ربّ العباد بنورهوأظهر دينا حقّه غير زائل
وأبيض يستسقى الغمام بوجههربيع اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهلاك من آل هاشمفهم عنده في نعمة وفواضل
وميزان صدق لا يخيس شعيرةوميزان عدل وزنه غير عائل۴
فعلى ما أورده الجوهري يكون البيت منتظما في سلك القسميّات ، وعلى ما أورده الصدوق ـ قدّس اللّه روحه ـ عطفٌ على «أبيض» على أن يكون من النعوت الكماليّة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وفي كتاب مجالس المؤمنين للسيّد الجليل نور اللّه التستري رحمه الله عن الفاضل العلّامة ابن الحجرالعسقلاني ـ وهو من عظماء العامّة ـ أنّه قال في كتابه الموسوم ب «الإصابة في معرفة الصحابة» :
إنّ عبد المطّلب لمّا بلغه الموت أوصى أبا طالب بالنبيّ صلى الله عليه و آله ، فتكفّل أبو طالب أحواله ، وكان مشفقا عليه غاية الإشفاق ، ملازما له في السفر والحضر ، مهتمّا بحفظه وحمايته
1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۷۷ (عول) .
2.النور (۲۴) : ۳۵ .
3.«التخاصل» أي التراهن في النضال (منه) . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۲۶ (خصل) .
4.التوحيد ، ص ۱۵۹ ، ذيل ح ۴ .