85
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

وعلى هذا لا يبعد إبقاء السياحة على معناه الأصلي ، وتعليق «لربّهم» بالسائحين على أن يكون المراد بالمقسم به الأوّلِ الحاجَّ الذين يسيحون نحو بيت اللّه الحرام، وبالمقسم به الثاني رواحلَهم وزواملهم هذا ، ومن أبيات هذه القصيدة ما أورده صاحب الصحاح في العين من اللام حيث قال : «وقال أبو طالب :

بميزان صدق لا يغلّ شعيرةله شاهد من نفسه غير عائل».۱
وهذا البيت أورده الصدوق ـ قدّس اللّه روحه ـ في كتاب التوحيد على وجه آخر؛ حيث قال في تفسير قول اللّه تعالى : «اللّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»۲ :
ولأبي طالب في مدح رسول اللّه مثل ذلك في قصيدته اللاميّة حين يقول : (شعر)

وما مثله في الناس سيّد معشرإذا قايسوه عند وقت التخاصل۳
فأيّده ربّ العباد بنورهوأظهر دينا حقّه غير زائل
وأبيض يستسقى الغمام بوجههربيع اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهلاك من آل هاشمفهم عنده في نعمة وفواضل
وميزان صدق لا يخيس شعيرةوميزان عدل وزنه غير عائل۴
فعلى ما أورده الجوهري يكون البيت منتظما في سلك القسميّات ، وعلى ما أورده الصدوق ـ قدّس اللّه روحه ـ عطفٌ على «أبيض» على أن يكون من النعوت الكماليّة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وفي كتاب مجالس المؤمنين للسيّد الجليل نور اللّه التستري رحمه الله عن الفاضل العلّامة ابن الحجرالعسقلاني ـ وهو من عظماء العامّة ـ أنّه قال في كتابه الموسوم ب «الإصابة في معرفة الصحابة» :
إنّ عبد المطّلب لمّا بلغه الموت أوصى أبا طالب بالنبيّ صلى الله عليه و آله ، فتكفّل أبو طالب أحواله ، وكان مشفقا عليه غاية الإشفاق ، ملازما له في السفر والحضر ، مهتمّا بحفظه وحمايته

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۷۷ (عول) .

2.النور (۲۴) : ۳۵ .

3.«التخاصل» أي التراهن في النضال (منه) . راجع : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۲۶ (خصل) .

4.التوحيد ، ص ۱۵۹ ، ذيل ح ۴ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
84

ويحتمل قريبا أن يكون «يبزي» بالبناء للفاعل ، وجواب القسم قوله : «كذبتم» ، وإذ قدّم فلا يجب التلقّي بإحدى الثلاث ، كقول أمير المؤمنين عليه السلام : «فزت وربّ الكعبة». و«يبزي» استئناف بياني ، والمعنى : أنّكم كذبتم في قولكم : إنّ محمّدا يصير مغلوبا لنا، أو أنّه تجاسر علينا اتّكالاً على مناضلة رهطه ومعاضدة قومه ، كيف وهو يغلبكم من غير أن يحتاج إلى مناضلتنا دونه ومعاضدتنا إيّاه ، بل بمحض نصرة اللّه وعونه ، كما قال عزّ من قائل: «وَمَا النَّصْرُ إِلَا مِنْ عِنْدِ اللّهِ» الآية؛ ۱ وإنّما قال ذلك لأنّه كان من الأوصياء المستودعين لبشارة الأنبياء بقدومه ، وأنّ اللّه تعالى : «يُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»۲ .
ومن أبيات هذه القصيدة ما أورده الزمخشري في أساس البلاغة حيث قال : «قال أبو طالب في مدح رسول اللّه صلى الله عليه و آله :

يلوذ به الهُلاّك من آل هاشمفهم عنده في نعمة وفواضل».۳
أورده في الهاء مع اللام .
وفيه أيضا في السين مع الياء : «ساح الرجل في الأرض سياحة ، وشبّه الصائم به فقيل له : سائح ، قال أبو طالب :

وبالسائحين لا يذوقون قطرةلربّهمُ والراتكات العَوامل».۴
انتهى .
أقول : الراتكات : العوامل الأباعر السريعة النشيطة في عدوها .
في النهاية : «في حديث قَيْلَة : يُرتكان بعيرهما ؛ أي يحملانهما على السير السريع» ۵ .
وفي الصحاح : «ارتكاء البعير : مقاربة خطوه في رملانه ، لا يقال إلّا للبعير . وقد رتك يرتك رتكا ورتكانا وأرتكه صاحبه» ۶ .

1.آل عمران (۳) : ۱۲۶ .

2.التوبة (۹) : ۳۳ .

3.أساس البلاغة، ص ۷۰۵ (هلك) .

4.أساس البلاغة، ص ۳۱۷ (سيح) .

5.النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۹۴ (رتك) .

6.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۸۷ (رتك) .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 65454
صفحه از 688
پرینت  ارسال به