ابن ابى الحديد فى الميزان - صفحه 29

نطلب من القارى الكريم ان يحكم عليه بالتشيع او التسنن او بالحدّ الوسط بينهما.

الكلام فى مذهبه المعتزلى :

قبل الخوض فى الحديث عن المعتزلة، لابدَّ ان نقف على علة ظهور الحياد بين علمائهم، حيث اتخذ المعتزلة و المتصوّفة الحياد ذريعة للفرار عن المسؤولية، فالاولى اتخذت التوقف فى الآراء اساسا لها فى الرؤى السياسية، و الثانية اتخذت الزوايا ذريعة للفرار من الزحف ايام الحملة الصليبية، فانتشرت فى بقاع المسلمين بسرعة. و الآن لننظر الى ما قاله سماحة العلامة المدرسي فى هذا الشأن : «ان المعتزلة تهرب من مشكلة تاريخية. الا و هو تعين الخلف الشرعى للنبىّ صلى الله عليه و آله وسلم و التى كانت تعنى فى ذلك العصر تهربهم من قضايا الثورة، الثورة التى يقودها اهل بيت الرسول صلى الله عليه و آله وسلمدفاعا عن الرسالة الالهية و عن المحرومين، اذ نقل عن واصل انه علّق الحكم فى هذا الباب على اساس الافتقار الى البينات الكافية » ۱ ثم لننظر الى قول الدكتور احمد حوفى فى هذا الباب حيث يقول : «كان لهذه الكلمة (الاعتزال) اذا معنى سياسي خاص، هو الابتعاد عن الصراع الناشب بين علىّ و خصومه، و الاستمساك بالحيدة العملية و القولية فى هذا الصراع، فلاهم يناصرون فريقا على فريق خوفا من الزحف و القتل و الموت و التشريد، تقاعسا و تثاقلاً الى الارض و تبريرا للمواقف التى اتخذوها، و سترا للمقام الشاخص الذى كان عندهم لدى الناس» ۲ و اما الحديث عن مذهبه المعتزلى فينقسم البحث الى قسمين، الاول : رأيهُ الصريح فى الاعتزال، و الثانى : رأى العلماء فى هذا المجال.
فالمتصفح لشرحه فى نهج البلاغة سيرى انّ ابن ابى الحديد يذكر مادحا زعماء المعتزله، معتزا بهم، شارحا لا قوالهم ذاكرا لمواقفهم المذهبية و آرائهم العقائدية، فهو يكثر من ذكر الشيخين ابى على و ابى القاسم كما فى (ج 1 : 123 ) و يذكر الشيخ ابا عثمان الجاحظ (ج 3 : 199 و 459) و (ج4:293) ،و ان لم يكن يتتلمذ عليه، و كذلك الشيخ عمر بن عبدالله الدباس (ج 2 : 424)، و

1.ـ العرفان الاسلامى / محمد تقى المدرسى / ايران / المركز الثقافى الاسلامى / ۱۴۰۵ / ص ۴۱.

2.ـ تاريخ الادب السياسى / احمد حوفى / ص ۱۳۹.

صفحه از 43