ابن ابى الحديد فى الميزان - صفحه 33

على اهلها التشيع، فسار فى دربهم و تقبّل مذهبهم و نظم القصائد المعروفة بالعلويات السبع» ۱ و الثانى الكرخ، و ذلك لما اكمل ابن ابى الحديد دراسته فى المدائن قصد بغداد و اتخذ الكرخ مقاما له، و المعروف عن الكرخ أنها محلة للشيعة، و الرصافة التى تقابلها محلة لاهل السنة، ولابن ابى الحديد شعر يخاطب الكرخ قائلاً:

«يا كرخُ جاء عليك مدرار الحياوسقى ثراك من الرواعد مسبل
ان كان جسمى عنك أصبح راحلاًكرها فقلبى قاطن لا يرحل »۲
نكتفى بهذا المقدار من الكلام خوف الاطالة.
و اما المحور الثانى، فهو موقف علماء الشيعة بالنسبة الى ابن ابى الحديد. فقد اختلف علماء الشيعة فى موقفهم بالنسبه لابن ابى الحديد على اقوال ثلاثه، فمنهم من يجزم القول فى تشيعه، و منهم من يتردد، و منهم من جعله من اعداء الشيعة.
و اما المناصرون له فمنهم ابن العلقمى ۳ يقول صاحب كتاب مصادر نهج البلاغهج 1: 213،: «لما وقعت حادثة المغول أخذوا ابن ابى الحديد، وأخاه موفق الدين و ارادوا قتلهما، فسعى ابن العلقمى فى خلاصهما، و تشفع اليهم بنصير الدين الطوسى، فخلوا عنها، فأقبل ابن ابى الحديد يشكر ابن العلقمى على حسن فعله، فقال ابن العلقمى : و الله لو افتديتكما بنفسى لكان ذلك قليلاً، لانك خلدت اسمى فى كتابك».
و منهم صاحب روضات الجنات الذى يقول فى حقه جازما : «ابن ابى الحديد الحكيم الاصولي المعتزلى، صاحب شرح نهج البلاغة المشهور، و هو من اكابر الفضلاء و المتتبعين، و أعاظم النبلاء المتبحرين، مواليا لأهل العصمة و الطهارة، و ان كان فى زىّ أهل السنة و الجماعة، منصفا غاية الانصاف فى المحاكمة بين الفريقين و معترفا فى ذلك المصاف بانَّ الحق يدور مع والد الحسنين، و هو بين علماء العامة بمنزلة عمر بن عبدالعزيز الاموى بين خلفائهم، فكما ورد فى حديث الشيعة انه يحشر يوم القيامة امة واحدة، فكذلك يُبعث هذا الرجل ان شاء الله بهيئته على حدةٍ، و حسب

1.ـ شرح نهج البلاغه، تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم ج ۱ : ۱۴.

2.ـ الاراء الادبية و النقدية ص ۴۰۹.

3.ـ المعروف عن ابى العلقمى انه كان من فضلاء الشيعة و اعيانهم، و كان يحب الادب و العلم و انه كان صاحب دهاء و ذكاء.

صفحه از 43