الحديث الثانى والمائة
۰.عن محمّد بن عبد اللّه بن أبي رافع قال :. كنتُ جالسا عند أبي بكر بعدما بايعه الناس بأيّامٍ ، فطلع عليٌّ والعبّاس يختصمان في تراث النبيّ ، وكانت بغلة خلّفها النبيّ
ـ صلوات اللّه عليه ـ وسيفه وعمامته ؛ فأقبلا حتّى جلسا بين يدي أبي بكر ، فافتتح العباس الكلام .
فقال له أبو بكر : لا تعجل يا أبا الفضل ، فإنّي سائلك عن أمر لست أسألك إلاّ وأنا عالم به : أنشدك بالله! هل تعلم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم فقال : «يا بني عبد المطلب ، إنّه لم يبعث اللّه نبيّا إلاّ وجعل له [ أخا و ]وزيرا ووارثا ووصيّا (من قومه) ۱ وخليفة من أهل بيته ، فمن يقوم منكم يبايعني على أ نّه يكون أخي ووزيري ووارثي ۲ وخليفتي في أهلي» ، فلم يقم أحد منكم! فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «[ يا بني عبد المطلب ]كونوا في الإسلام رؤوسا ولا تكونوا أذنابا ، واللّه ليقومنّ قائمكم وليكوننَّ في غيركم ، ثمّ لتندموا من بعد» ، فقام عليٌّ من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه ، تعلم أنّ هذا جرى من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ؟!
فقال له العباس : نعم ، والحجّة في هذا عليك! وإلاّ فما أقعدك في مجلسك هذا؟! ولِمَ تقدّمت وتأمّرت عليه ؟!
فأطرق أبو بكر وتشاغل بشيءٍ آخر ، ونهض عليّ آخذا بيد العبّاس وهو يقرأ : «وَ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَـآءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ»۳ إلى آخر الآية .
وروي أنّهما قدما على عمر بعدما صار الأمر إليه ، فقال لهما عمر : اخرجا عنّي، فهمت يا بني عبد المطّلب ؛ هذا الذي فعله العبّاس إنّما فعله توبيخا لأبي بكر و تهجينا له و تنبيها على أ نّه غاصب حقّ عليّ عليه السلام ، و كان عليٌّ و العبّاس في هذه الصورة مثل الخصمين اللذين دخلا على داود ، و لا يخفى هذا على من صحّ لبُّه و مال إلى الهدى ، و اللّه أعلم!
1.لم يرد في بشارة المصطفى.
2.في بشارة المصطفى بدل «وارثي» «وصيّي» .
3.ص (۳۷) : ۲۴. والخبر رواه في بشارة المصطفى : ۲۲۰ باختصار ، وأخرج نحوه في بحار الأنوار ۲۹ : ۶۷/۱ عن الاحتجاج ومثله في مناقب ابن شهرآشوب ۳ : ۴۹.