الحديث السابع والثلاثون
۰.عن مالك بن دينار قال :سمعت أبا وائل ۱ يقول :
بينما أنا أمشي مع عمر بن الخطّاب إذ حانت منه التفاتة فجعل يشتدّ في مشيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين، أراك تشتدّ في مشيك؟ فقال لي : ويلك! ما تنظر إلى ذلك الهزبر المقتّل ، الضرّاب الأَيْهَم ، الشديد على من طغى وظلم ، ذي السيفين والراية ؟! فالتفتُّ فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
ثمّ قال : أما أُحدِّثك عنه ما يعجز الخلق؟ فقلت: بلى .
قال : إنّا بايعنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يوم أُحد على أن لا نفِرَّ ومن فَرَّ منّا كان ضالاًّ ، ومن قتل منّا كان شهيدا والنبيّ زعيمه ، إذ حمل علينا مائة صنديد ، تحت كلّ رجل جماعة كثيفة ، فأزعجونا عن طاحونتنا ، ففررنا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ولم يبقَ معه غير عليّ
ورجال من الأنصار ، فرأيت عليّا كاللّيث يتّقي الزرق ۲ ، فأخذ كفّا من حصى الأرض فرمى في أقفيتنا ، ثمّ قال : «إلى أين تفرّون، إلى أين تفرّون؟! إلى النار ، إلى النار؟!» ثمّ أخذ كفّا آخر فرمى به في وجوهنا ثمّ قال : «بايعتم ونكثتم وفررتم ، شاهت الوجوه!» ثمّ مضى مصلتا سيفه على المشركين فأزلّهم ، ثمّ كرّ نحونا ثانية وفي كفّه صفيحة يقطر منها دماء الموت ، وعيناه كالقدحين المملوءين دما يتوقّدان نارا ، وجعل يقول : «إلى أين، إلى أين؟! إلى النار، إلى النار؟! واللّه لأنتم بالقتل أولى ممّن أقتل» .
فقلت له من بينهم : يا أبا الحسن ، اللّه اللّه ، إنّ العرب تكرّ وتفرّ وإنّ الكرّ يمحو الفرّ ، ولم أزل به حتّى سكن حرده وسكن روْعُه وانصرف عنّا ، فواللّه لأجد رعب ذلك اليوم في صدري إلى اليوم ۳ .