67
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الحادي والخمسون

۰.عن الحسين بن زيد بن عليٍّ ، عن أبي عبد اللّه ، عن عليٍّ عليهم السلام قال :«قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : يأتي يوم القيامة أقوام وجوههم أضْوَأ من القمر ليلة البدر ، يغبطهم الأوّلون والآخرون لمنزلتهم .
فقال جندب بن جنادة الغفاري : بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه ، من هؤلاء الذين أخبرتنا بعلوّ مكانهم ومنزلتهم؟ أنبياء هم؟
قال : ليس بأنبياء .
قال : شهداء؟
قال : ليس هم شهداء ولكنّهم بمنزلة الشهداء، وليس هم منهم .
قال : بأبي أنت وأُمّي ، من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ نبّئناهم؟
قال : ما قلت ، ألا لأُنبّئكم بهم ، أَلا إنّهم شيعة هذا وهو إمامهم ، وأخذ بكفّ عليٍّ عليه السلام وهو إلى جانبه وقال : هذا يعسوب المؤمنين ووليّهم بعدي ، وهو أخي ووصيّي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أ نّه ليس بعدي نبيّ» ۱ .
قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «وأخبرني أبو جعفر محمّد الباقر عليه السلام ، قال : لمّا حدّثنا أبي هذا الحديث كان نفرٌ من شيعته من أهل العراق حاضرا ، فأقبل عليه قاسم بن عوف ـ وكان من صالحيهم ـ فاستعادهم الحديث إعجابا به ، وأعاد أبي عليه السلام ، فقال : يا بن رسول اللّه ، أمّا شيعتكم عندنا فهم قبائل مشهورة ، ومنهم قوم أهل ورع وأمانة ودين ، ولهم في كلّ صالحة رجحان ، إلاّ أنّ طائفة تزعم أنّها لكم شيعة فإنّهم ليقولون على ذلك أقوالاً لا تستطاع .
فقال له عليّ بن الحسين عليهماالسلام: مَنْ جاءكم عَنّا بما يصدِّقه القرآنُ فنحن أهلُهُ وأولى به ، وما جاءَكم عنّا بما يكذّبه القرآن فهو أولى به ونحن منه براء ، ومن بَرِئْنا منه برئ منه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ومن برئَ منه رسول اللّه فاللّه منه بريءٌ .
وأخبرك على ذلك ، فقد قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وعليٌّ أمير المؤمنين له شيعة على منهاج إبراهيم صلى الله عليه و آله وسلم ، ثمّ كذلك الأمر في المؤمنين حقّا كلّهم شيعة عليّ عليه السلامإلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها .
ثمّ قال عليه السلام : هل تدرون مَنْ المؤمن؟ إنّما المؤمن في الدنيا كالغريب ، رأس ماله دينه ، والعقل دليله ، والعلم خليله ، والحلم وزيره ، والعبادة شأنه ، والصِّدق لسانه ،
والوفاءُ لباسه ، والسخاءُ طباعه ، والسكينة دثاره ، والرفق شعاره ، وحسن الخلق عماده ، والحياء لباسه ، والحقّ حسابه ، والكياسة فطنته ، والشكر ظهاره ، والعفو شيمته ، والرحمة لِلْورى سجيّته ، والبرّ غنيمته ، واللين والده ، والحزم معتمده ، والتواضع درعه ، وباللّه أُنسه ، إن صاحَبْتَه سلمتَ وإن خالطته غنمت ، ظاهر الوفاء ، كريم الحياء ، إن استطعمته أطعم ، وإن استكتمته كتم ، وإن كان فوقك تواضع ، وإن كان دونك اتّضع ، يحاسب لنفسه ، ويخاذل لشيطانه ، ناظر في عيوبه ، يخاف على نفسه وإن كان فاضلاً ، ولا يأمن مكر اللّه وإن كان محسنا ، كثير عمله ، عظيم حلمه ، سهل أمره ، حزين قلبه ، قامع شهوته ، كاظم غيظه ، ليِّن الجانب ، وقور في الهزاهز ، صبور في البلاء ، لا يظلم الأعداء ، ولا يتحامل للأصدقاء ، كأنّ في قلبه عينا ينظر بها إلى صنع ربّه في عباده ، فهو في الناس كالنحلة ، يأكل من طيّب الأشجار ، ويطعم الصغار والكبار .
قال : فلمّا أتى عليّ بن الحسين عليهماالسلام على كلامه هذا قال : يا أخا أهل العراق ، هذه صفة شيعتنا ، وودائع مودّتنا ، وهؤلاء أخفى من الكبريت الأحمر ، فهل رأى الكبريت الأحمر أحد منكم؟!» ۲ .

1.أخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار ۷ : ۱۷۹ ح ۱۸ عن فضائل الشيعة : ۶۸، ح ۲۵.

2.لم نعثر على نصّ الحديث في المصادر المتوفّرة لدينا . ولكن فقراته وردت في خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، متفرّقة . مثل خطبته لهمام وغيرها .


العقد النّضيد و الدّر الفريد
66

الحديث التاسع والأربعون

۰.عن جابر بن عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :«خرجت أنا ورسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى صحراء المدينة ، فلمّا صرنا في الحدائق بين النخل صاحت نخلة بنخلة : «هذا النبيُّ المصطفى وذا عليّ المرتضى» ، ثمّ صاحت ثالثة برابعة : «هذا موسى وذا هارون» ثمّ صاحت خامسة بسادسة : «هذا خاتم النبيّين ، وذا خاتم الوصيّين» فنظر [ إليَّ ] رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم متبسّما ، فقال : يا أبا الحسن ، أَمَا تسمع؟ قلت : بلى يا رسول اللّه ، قال : ما تُسمِّي هذا النخيل ، قلت : اللّه ورسوله أعلم ، قال : نُسَمِّيهِ الصَّيْحانيّ؛ فقد صاحت بفضلي وفضلك [ يا علي ]» ۱ .

الحديث الخمسون

۰.ذكر أخطب خوارزم في فضائل عليّ :عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد
قالا : أتينا أبا أيّوب الأنصاري فقلنا له : يا أبا أيّوب ، إنّ اللّه أكرمك بنبيّه صلى الله عليه و آله وسلم إذ أوحى إلى راحلته فبركت على باب دارك، وكان رسول اللّه [ صلى الله عليه و آله وسلم ] ضيفا لك فضيلة من اللّه فضّلك بها ، فأخبرنا بمخرجك مع عليٍّ تقاتل أهل لا إله إلا اللّه ؟
فقال أبو أيّوب : فإنّي أُقسم لكما باللّه لقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم معي في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما في البيت غير رسول اللّه [ صلى الله عليه و آله وسلم ] وعليّ جالس عن يمينه [ وأنا عن يساره ] وأنس [ بن مالك ] قائم بين يديه ، إذ حرّك الباب ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم :
«يا أنس ، انظر من في الباب» فنظر ثمّ رجع فقال : يا رسول اللّه ، هذا عمّار بن ياسر ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «افتح لعمّار الطيّب المطيّب» ففتح أنس الباب ودخل عمّار فسلّم على النبيّ ، فرَحّب به ثمّ قال :
«يا عمّار ، إنّه سيكون في أُمّتي من بعدي هنات حتّى يختلف السيف فيما بينهم ، وحتّى يقتل بعضهم بعضا، وحتّى يبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا [ الأصلع ] ـ يعني عليّ بن أبي طالب ـ فإن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليّ واديا فاسلك وادي عليّ وخلِّ عن الناس ، يا عمّار ، إنّ عليّا لا يَرُدُّك عن هدى ولا يدلّك على ردى ، يا عمّار ، طاعة عليٍّ كطاعتي وطاعتي كطاعة اللّه ». ۲

1.الفضائل لشاذان بن جبرئيل : ۱۴۴ ، وعنه البحار ۴۰ : ۴۸/۸۴؛ المناقب للخوارزمي : ۳۱۲ ح ۳۱۳ ؛ مائة منقبة : ۱۴۹/۸۲ ؛ فرائد السمطين ۱ : ۱۳۷.

2.المناقب للخوارزمي : ۱۹۳/۲۳۲ باختلاف في بعض الكلمات ؛ ورواه منتخب الدين في الأربعون حديثا : ۵۹ ـ ۶۰ ، الحديث الثلاثون ؛ وبحار الأنوار ۳۳ : ۱۶ ، ح ۱۳.

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    سایر پدیدآورندگان :
    الناطقي، علي اوسط
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 24785
صفحه از 243
پرینت  ارسال به