المعصومون قُدوات لا تجِدُ عنهم البشرية بدلاً، وهي إن رامت بلوغ ذُرى الكمال الشامخ، فلا غنىً لها عن الاقتداء بهم والتأسّي بسيرتهم. فأقوالهم وأفعالهم تنمّ بكلِّ معنى الكلمة عن أمرٍ نبيلٍ وسامٍ، وأفكار رفيعة في مسار الحياة المثالية والمنشودة.
والّذي بين أيدينا من هذا التُراث في الوقت الحاضر، عبارة عن أحاديث تمثّل سنّة المعصوم. ومع أنّ الحديث ـ حسبما يفيد معناه اللُّغوي على الأقل ـ يتجسّد في كثير من الحالات بصورة نقل أقوال وكلمات المعصوم، بيد أنّ ما كتبه المعصومون يمثّل هو الآخر أحاديث يُنظر إليها باعتبارها شيئاً مكتوباً لأقوالهم، أو تُعدُّ نوعاً آخر من أفعالهم، ولكنّها على كلّ حال تعبّر عن سنّة المعصوم، ويمكن إخضاع هذا النوع من الأحاديث الّتي وصلتنا على شكل مكاتيب، للبحث والدراسة من أوجه شتّى، إذ يمكن من جهة تعرّف طبيعة الأجواء السياسية والاجتماعية والثقافية لعصر المعصوم من خلال دراسة هذه المكاتيب، ويتسنّى من جهة أُخرى معرفة اُسلوب الحُكم وطرق نشر الثقافة ، من بين ثنايا بعض هذه المكاتيب