[ أقول : كَعْب بن مالك لم أجده فيما بين يديّ من الكتب ، وإن كان لفظ اليعقوبي والخَراج كما ذكرناه ، والظَّاهر أنَّه مُصَحَّفُ مالك بن كَعْب الأرْحَبيّ الهَمْدانِيّ ، الحاكم في عين التَّمر من قِبَل أمير المؤمنين عليه السلام ، كما في الطَّبري ۱ والقاموس ۲ ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، الموالين المخلصين المناصحين له.
وفي الغارات : أنَّ النُّعْمان بن بشير أغار على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، فقصد عين التَّمر ، وفيه مالك بن كَعْب معه مئة نفر ، فوقع بينهما حرب شديد ، فاستسلموا للموت ، فاستصرخ مِخْنَف بن سُلَيْم ، فأمدّه بابنه مع خمسين رجلاً ، فشدّوا على أهل الشَّام ، فدفعوهم ، ونجا مالك بن كَعْب ، فكتب إلى عليّ عليه السلام : ] أمَّا بعدُ ؛ فقد نزل بنا النُّعْمان بن بشير في جمع من أهل الشَّام ، كالظَّاهر علينا ، وكان عظم أصحابي متفرقين ، وكنَّا للذي كان منهم آمنين ، فخرجنا إليهم رجالاً مصلتين ، فقاتلناهم حَتَّى المساء ، واستصرخنا مِخْنَف بن سُلَيْم ، فبعث إلينا رجالاً من شيعة أمير المونين عليّ عليه السلام وولده عند المساء ، فَنِعمَ الفتى ونعم الأنصار كانوا ، فحملنا على عدوّنا وشددنا عليهم ، فأنزل اللّه علينا نصره ، وهزم عدوّه ، وأعزَّ جنده ، والحمد للّه ربّ العالمين ، والسَّلام عليك ياأمير المونين ، ورحمة اللّه وبركاته . ۳
[ شهد مالك صفِّين ، واسمه مكتوب في الصُّلح ، كما نقله الطَّبري . ۴
وهو الَّذي أجاب دعوة أمير المؤمنين عليه السلام حين حثَّ النَّاس على المسير إلى مصر لنصرة محمَّد بن أبي بكرٍ رحمه الله ، فقال : ] يا أمير المونين إندب النَّاس معي ، فإنَّه لاعطر بعد عروس، لِمِثْلِ هذا اليوم كُنتُ ، أدَّخِرُ نفسي ، وإنَّ الأجر لا يأتي إلاّ بالكَرّةِ . ثُمَّ التفت إلى النَّاس وقال : اتقوا اللّه ، وأجيبوا إمامكم ، وانصروا دعوته ، وقاتلوا عدوَّكم ، وأنا أسير إليهم يا أمير المونين . ۵
[ نقل في الأنساب صورة أخرى من هذا الكتاب ، وهي : ] وكتب عليه السلام إلى مالك بن كَعْب الأرْحَبيّ :
« إنِّي ولَّيتُكَ مَعونَةَ البِهقُباذات ِ ، فآثِرْ طاعَةَ اللّه ِ ، واعلَمْ أنَّ الدُّنيا فانِيَةٌ ، والآخِرَةَ آتِيَةٌ ، واعمَلْ صالِحا تُجْزَ خَيْرا ، فإنَّ عَمَلَ ابنِ آدَمَ مَحفُوظٌ عَليهِ ، وإنَّهُ مَجزِيٌّ بهِ ، فَعَلَ اللّه ُ بِنا وبِكَ خَيْرا والسَّلامُ » .۶
[ كأنَّ البلاذريّ لَخَّصهُ وأسقطَ أوَّلَهُ . وقال الثَّقَفيّ في الغارات ما ملخّصه : ] عبد الرَّحمن بن جُنْدُب عن أبيه : أنَّ أهل دومة الجندل من كلب ، لم يكونوا في طاعة عليّ عليه السلام ، ولا معاوية . . . فذكرهم معاوية مرَّة ، فبعث إليهم مسلم بن عُقْبَة المُرِّيّ فسألهم الصَّدَقة ، وحاصَرهُم ، فبَلَغ ذلِكَ عَليَّا عليه السلام ، وامرأ القيس بن عَدِيّ أصهاره ، فبعث إلى مالك بن كَعْب ، فقال :
« استَعْمِلْ علَى عَينِ التَّمر ِ رَجُلاً ، وأقبِلْ إليَّ » .
فولاّها عبد الرَّحمن بن عبد اللّه بن كَعْب الأرْحَبيّ ، وأقبل إلى عليّ عليه السلام ، فسرَّحه في ألف فارس ، فما شعر مسلم بن عُقْبَة إلاّ ومالك بن كَعْب إلى جنبه نازلاً ، فتواقفا قليلاً ، ثُمَّ إنَّ النَّاس اقتتلوا ، واطَّردوا يومهم ذلك إلى اللَّيل ، لم يستفز بعضهم من بعض شيئا ، حَتَّى إذا كان من الغد ، صلَّى مسلم بأصحابه ، ثُمَّ انصرف ، وأقام مالك بن كَعْب في دومة الجندل يدعوهم إلى الصُّلح عشرا ، فلم يفعلوا ، فرجع إلى عليّ عليه السلام . ۷
1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۰۷ و۱۳۰ و۱۳۳ .
2.قاموس الرجال : ج۷ ص۴۷۳ .
3.الغارات : ج۲ ص۴۵۷ .
4.تاريخ الطبري : ج۵ ص۵۴ .
5.الغارات : ج۱ ص۲۹۲ .
6.أنساب الأشراف : ج ۲ ص۳۹۳ .
7.الغارات : ج۲ ص۴۵۹ .