221
مكاتيب الأئمّة ج 2

۵.وفي فروع الكافي بَابُ ما كان يُوصِي أمير المُؤمِنين عليه السلام به عنْد القِتال :
عليُّ بن إِبراهيم ، عن أبيه ، عن بعْض أصحابه ، عن أبي حمْزةَ ، عن عَقِيلٍ الخُزَاعِيِّ ، أنَّ أمير المُؤمنين عليه السلام كان إذا حضَر الحَرْبَ يُوصِي لِلْمُسْلِمِين بِكلماتٍ فيقول :
« تَعَاهَدُوا الصَّلاةَ ، وحافِظُوا عليها واسْتَكْثِرُوا منها ، وتَقَرَّبُوا بها فإنَّها كانت على المُؤمِنين كِتَابا مَوْقُوتا ، وقد عَلِم ذلِكَ الكُفَّارُ حِين سُئِلُوا « مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ »۱ ، وقد عَرَف حَقَّها مَن طَرَقَها ، وأُكْرِم بها مِن المُؤمنين الَّذِين لا يَشْغَلُهُمْ عنها زَيْنُ مَتَاعٍ ، ولا قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ مَالٍ ولا وَلدٍ ، يَقُولُ اللّه ُ عز و جل : « رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تَجَرَةٌ وَ لاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلَوةِ »۲ ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله مُنْصِبا لِنفْسِه بعد البُشْرَى له بِالجَنَّة من ربِّه ، فقال عليه السلام : « وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَوةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْهَا »۳ . . .الآية ، فكان يأْمُرُ بها أهْلَهُ ، ويُصَبِّرُ عليها نفْسَه .
ثُمَّ إنَّ الزَّكاةَ جُعِلَتْ مع الصَّلاة قُرْبَانا لأهْلِ الإسْلامِ على أهْل الإسْلام ، ومَنْ لَمْ
يُعْطِهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بها يَرْجُو بها من الثَّمَنِ ما هُو أفْضَلُ منها ، فإنَّه جاهِلٌ بِالسُّنَّة ، مَغْبُونُ الأجْرِ ، ضَالُّ العُمُرِ ، طَوِيلُ النَّدَم بِتَرْكِ أمْرِ اللّه ِ عز و جل ، والرَّغْبَةِ عمَّا عَليهِ صَالِحُو عبادِ اللّه ِ ، يَقولُ اللّه ُ عز و جل : « وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى »۴ ، مِن الأمانَةِ فَقَد خَسِر مَنْ لَيْس مِنْ أهْلِها ، وضَلَّ عَمَلُه ، عُرِضَتْ على السَّمَاوَات المَبْنِيَّة ، والأرْضِ المِهَاد ، والجِبَال المَنْصُوبَة ، فلا أطْوَل ولا أعْرَض ، ولا أعْلى ولا أعْظَم ، لَوِ امْتَنَعْنَ مِن طُولٍ أو عَرْضٍ أو عِظَمٍ أو قُوَّةٍ أو عِزَّةٍ امْتَنَعْنَ ، ولكِنْ أشْفَقْنَ من العُقُوبَة .
ثُمَّ إنَّ الجِهاد أشْرَفُ الأعْمَال بعد الإسْلام ، وهو قِوَامُ الدِّين ، والأجْرُ فيه عَظِيمٌ مع العِزَّة والمَنَعَة ، وهو الكَرَّةُ فيه الحَسَنَاتُ ، والبُشْرَى بِالْجَنَّة بَعدَ الشَّهَادَةِ ، وبالرِّزْق غَدا عِندَ الرَّبِّ ، والكَرَامَةِ يقول اللّه ُ عز و جل : « وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ »۵ الآيَة ، ثُمَّ إنَّ الرُّعْب والخَوْفَ من جِهادِ المُسْتَحِقِّ لِلْجِهادِ ، والمُتَوَازِرِينَ على الضَّلالِ ضَلالٌ في الدِّينِ ، وسَلْبٌ لِلدُّنْيَا مَعَ الذُّلِّ والصَّغَارِ ، وفِيهِ اسْتِيجَابُ النَّارِ بالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ عِنْد حَضْرَةِ القِتَالِ ، يَقولُ اللّه ُ عز و جل : « يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبَارَ »۶ ، فحَافِظُوا على أمْرِ اللّه ِ عز و جل فِي هذهِ المَوَاطِنِ الَّتي الصَّبْرُ عليْها كَرَمٌ وسَعَادَةٌ ونَجَاةٌ في الدُّنيا والآخِرَةِ ، مِن فَظِيع الهَوْلِ والمَخَافَةِ ، فَإنَّ اللّه َ عز و جل لا يَعْبَأُ بما العِبَادُ مُقْتَرِفُونَ لَيْلَهُم ونَهَارَهُم ، لَطُفَ به عِلْماً ، وَكُلُّ ذَلك في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنْسى ، فَاصْبِرُوا وصَابِرُوا ، واسْألُوا النَّصْرَ ، ووَطِّنُوا أنْفُسَكم على القِتَال ، واتَّقُوا اللّه َ عز و جل ، « إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم
مُّحْسِنُونَ »۷
» . ۸

1.المدثر : ۴۲ و۴۳ .

2.النور : ۳۷ .

3.طه : ۱۳۲ .

4.النساء : ۱۱۵ .

5.آل عمران : ۱۶۹ .

6.الأنفال : ۱۵ .

7.النحل : ۱۲۸ .

8.الكافي : ج ۵ ص ۳۶ ح۱ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۴۴۶ ح۶۵۹ وراجع : نهج البلاغة :الخطبة ۱۹۹ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۰ ص۲۰۲ .


مكاتيب الأئمّة ج 2
220

۲.وعن الحَضْرَمِيّ ، قال : سمعتُ عليَّا عليه السلام حرَّضَ في النَّاس في ثلاثة مواطنَ : في يوم الجمَل ، ويوم صفِّين ، ويوم النَّهْرَوان ، فقال :« عبادَ اللّه ِ ، اتَّقوا اللّه َ عز و جل ، وغُضُّوا الأبصارَ ت ، واخفِضُوا الأصواتَ ، وأقِلُّوا الكَلامَ ، ووطِّنوا أنفسَكُم على المُنازَلَةِ والمُجاوَلَةِ ، والمُبارَزَةِ والمُعانَقَةِ والمُكادَمَةِ ، واثبتوا « وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »۱ ، « وَلاَ تَنَزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّبِرِينَ »۲ ، اللَّهمَّ ألْهِمْهم الصَّبرَ ، وأنزِلْ علَيهِم النَّصرَ ، وأعظِمْ لَهُم الأجرَ . » ۳

۳.[ نصّ السَّيِّد في النَّهج : ] ومن وصيَّة له عليه السلام لعَسْكرِه قبْل لِقاء العدوِّ بصفِّين :« لا تُقاتِلُوهُم حَتَّى يَبْدَؤوكُمْ ، فإنَّكم بِحَمْدِ اللّه ِ على حُجَّةٍ ، وتَرْكُكُم إيَّاهم حتى يَبْدَؤوكُم حُجَّةٌ أُخْرى لَكم علَيهِم ، فإذا كانتِ الهَزِيمَةُ بِإذْن اللّه فلا تَقْتُلوا مُدْبِرا ، ولا تُصِيبُوا مُعْوِرا ، ولا تُجْهِزُوا على جَرِيحٍ ، ولا تَهِيجُوا النِّسَاءَ بِأَذىً ، وإنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُم ، وسَبَبْنَ أُمراءَكم ، فإنَّهُنَّ ضَعِيفاتُ الْقُوَى والأنْفُسِ والْعُقُول ، إنْ كُنَّا لَنُؤمَر بالكَفِّ عَنْهُنَّ ، وإنَّهُنَّ لَمُشْركاتٌ ، وإنْ كان الرَّجُلُ لَيَتناوَلُ المَرأَةَ في الجَاهِلَيَّةِ بالفَهْر أو الهِرَاوَةِ ، فيُعَيَّرُ بِها وعَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ . » ۴

۴.[ نصّ المسعوديّ : ]فقام عليّ رضى الله عنه في النَّاس خطيبا رافعا صوته ، فَقالَ :« أيُّها النَّاسُ ، إذا هَزمتُموهُم فَلا تُجْهِزُوا علَى جَريحٍ ، ولا تَقتُلوا أسِيرا ، ولا تتَّبعوا مُوَلِّيا ، ولا تَطلُبُوا مُدبِرا ، ولا تَكشِفُوا عورَةً ، ولا تُمثِّلوا بِقَتيلٍ ، ولا تَهتِكُوا سترا ، ولا تَقرُبُوا شيئا مِن أموالِهم إلاَّ ما تجِدونَهُ في عَسكَرِهِم مِن سِلاحٍ أو كُرَاعٍ أو عَبْدٍ أو أمَةٍ ، وما سِوى ذلِكَ فَهُو مِيراثُ لِوَرَثَتِهِم على كِتابِ اللّه ِ » . ۵

1.الأنفال : ۴۵ .

2.الأنفال : ۴۶ .

3.وقعة صفِّين : ص۲۰۴ ، وراجع : الكافي : ج۵ ص۳۸ ح۲ ، الإرشاد : ج۱ ص۲۶۵ ؛ مروج الذهب : ج۲ ص۳۷۱ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۵۶۶ ح۴۷۰ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۷۰ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۴ ص۲۶ .

4.نهج البلاغة : الكتاب ۱۴ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۴۵۸ ح۶۷۴ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۱۰۴ .

5.مروج الذَّهب : ج۲ ص۳۷۱ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 52606
صفحه از 528
پرینت  ارسال به