لا يتحقّق بدون التوجّه إلى الخالق ، فالذي لا يحبّ الشعب للّه ، ولا يحرص على مصلحته في سبيل اللّه ، لا يمكن أن يتنكّر لذاته ولا يأخذ مصالحه الشخصيّة بنظر الاعتبار . إنّ المحبّة القائمة على أساس المصلحة الشخصيّة هي في الواقع ليست محبّة للآخَر ، بل هي نوع من الأنانيّة ولكن بثوب محبّة الآخرين ، ولهذا السبب يبقى وجودها واستمرارها رهنا بالمصلحة ؛ فحيثما شعر أنّ المحبوب غير قادر على تلبية إرادة المحبّ ومصلحته ، زالت تلك المحبّة ، وكثيرا ما تتحوّل المحبّة إلى عداء ، وهذا هو السبب الذي جعل النصوص الدينيّة تؤكّد أنّ المحبّة القائمة على اُسس الدين وفي سبيل اللّه هي المحبّة الوحيدة التي يُكتب لها البقاء ، أمّا المحبّة المبنيّة على الأنانيّة والدوافع المصلحيّة فهي تتحوّل عاجلاً أو آجلاً إلى بغضاء : « الْأَخِلاَّءُ يَوْمَـلـءِذِم بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ »۱.
وفي ضوء ما مرّ ، يتّضح أنّ حكمة الترغيب في المحبّة في اللّه هي أنّها قوام المجتمع الإنساني المنشود وأنّه لا سبيل لتحقّقه إلاّ بها .
فلسفة البغض في اللّه
قد يتبادر هنا إلى الأذهان سؤال مهمّ ، مفاده أنّ الإسلام إذا كان يرنو إلى تشييد صرح مجتمع قائم على المحبّة ، فلماذا يحرّض أتباعه