19
الرجال لابن الغضائري

قلّت عنها المصادر والأخبار، وما يوجد منها لا يكشف عن جهود كثيرة، إلاّ الأعمال العظيمة الّتي تمكّنت من الظهور، رغم الضباب والتعتيم، فاخترقتها كالشمس في رائعة النهار، وهي قليلة تعدّ بالأصابع.
ومهما يكن، فإنّ ذلك لا يُشكّل عقبةً أمام اطلاق أعلام الفنّ نسبة الكتاب إلى ابن الغضائريّ.
كما أنّ اعتماد مثل العلاّمة الحلّي ـ الفقيه الأعظم، والرجاليّ الأكبر، والمحدّث الأعلم في عصره ـ على النسخة وما فيها، دليلٌ قطعيّ على صحّة النسبة ووصولها إليه بطرق صحيحة مأمونة، كما هو شأن سائر مصادره المعروفة.
ولا دليل على أنّه أخذها عن أُستاذه السيّد ابن طاووس، الّذي صرّح بأنه ليس له طريق إلى النسخة، وإنّما أخذها وجادةً، مع أنّ الوِجادةَ تلك ـ وفي عصرٍ قريبٍ من المؤلّف ـ لا بُدّ أنْ تكون معتبرةً عند السيّد، بحيث أطلق النسبة، واستخرج النصوص، وسجّلها في كتاب رجاله منسوبةً إلى الغضائريّ.
وإلاّ كيف يجوز له كلّ ذلك؟ ومن أينَ عرف النسبة إلى ابن الغضائريّ؟ وهو على ماهو من الورع والتُقى والاجتهاد.
وكذا المتأخّرون عنه، وهُمْ مَنْ هُمْ في الاحتياط والمحافظة على الضبط، و المعرفة التامّة بالرجال والكتب !
فلا بُدّ من الوثوق بما قدّموه من هذا الكتاب، كسائر ما جاء في أعمالهم من النصوص المنقولة عن كتب القدماء، والّتي تفقد اليوم أعيانها.
مع أنّ بعض الأعلام (كالشهيد الثاني) قد صرّح بطريقه إلى صاحب الكتاب ابن الغضائري كما قيل.

المواقف من الكتاب

وأمّا متأخّرو المتأخّرين، بعد الألْف وحتّى عصرنا الحاضر، فقد ارتبكوا


الرجال لابن الغضائري
18

كتب ابن الغضائريّ مدّة قرنين من الزمن، حتى ظهرت نسخة من كتابه «الضعفاء» على يد السيّد الجليل الفقيه المحدّث الرجالي أحمد بن طاووس الحلّي(... ـ 673 ه ) صاحب «البُشرى» و«الملاذ» و«حلّ الإشكال» الّذي ألّفهُ عام 644 ه ، وأورد فيه نصوص الكتب الخمسة الرجالية الاُصول، ومنها النصّ الكامل لكتاب ابن الغضائريّ.
ثمّ أورد من بعده نَصّه الكامل تلميذُه العلاّمة الحلّي (648 ـ 726ه ) في كتابه العظيم «خلاصة الأقوال» المعروف ب «رجال العلاّمة».
وقد أضاف العلاّمة الحلّي النقلَ لنصوص من كُتب اُخرى لابن الغضائريّ، مما يدلّ على وقوفه عليها مباشرة، وهذا ما تفرّد وامتاز به حتّى على أستاذه السيّد ابن طاووس.
وكذلك تلميذه الآخر ابن داوود الحلّي صاحب «كشف المقال» المعروف بـ «رجال ابن داوود»، فقد أورد نتفا عن ابن الغضائريّ.
ثمّ تداول الأعلام هذا الكتاب، وأشهر ما في الأيدي منه النسخة الّتي استخرجها العلاّمة الرجالي الكبير الشيخ عبداللّه التستري من كتاب «حلّ الإشكال» لابن طاووس، وأفردها.
ومنذ ظهور الكتاب في عام 644 ه ، أطلق العلماء نسبة الكتاب إلى ابن الغضائريّ إرسال المسلّمات، كالشهيد الثاني وتلميذه الحارثي العاملي والد البهائيّ، وغيرهما.

الطريق إلى الكتاب وتصحيح نسبته

إنّ اختفاء الكتاب طيلة قرنين (450 ه وحتّى 644 ه) لا يُشكّل عقبةً في تصحيح نسبته:
أوّلاً، لأنّ الفترة تلك تعدّ من أظلم الفترات في تاريخ التراث الشيعيّ، والّتي

  • نام منبع :
    الرجال لابن الغضائري
    سایر پدیدآورندگان :
    حسيني الجلالی، محمد رضا
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 22862
صفحه از 208
پرینت  ارسال به