101
في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر

عَنِ اللَّهِ - جَلَّ وعَزَّ - لا تَخلُو مِنْ مَعنَيينِ :
إمّا حَقٌّ فَيُتَّبَعُ، وإمّا باطِلٌ فَيُجْتَنَبُ . وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الاُمّةُ قاطِبَةً لَا اختِلافَ بَيْنَهُمْ أنَّ القُرآنَ حَقٌّ لا رَيْبَ فيهِ عِندَ جَميعِ أهلِ الفِرَقِ وَفي حالِ اجتِماعِهِمْ، مُقِرُّونَ بِتَصْدِيقِ الكِتابِ وَتَحْقيقِه ، مُصيبُونَ مُهْتَدُونَ؛ وذلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله :
لا تَجْتَمِعُ اُمَّتي عَلى‏ ضَلالَةٍ .
فَأَخْبَرَ أنَّ جَميعَ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيهِ الاُمَّةُ كُلُّها حَقٌّ ، هذا إذا لَمْ يُخالِفْ بَعْضُها بَعْضاً . وَالقُرْآنُ حَقٌّ لَا اخْتِلافَ بَيْنَهُمْ في تَنْزِيلِه وتَصْدِيقِه ؛ فَإذا شَهِدَ القُرآنُ بِتَصديقِ خَبَرٍ وَتَحقِيقِه، وَأَنكَرَ الخَبَرَ طائِفَةٌ مِنَ الاُمَّةِ، لَزِمَهُمُ الإِقرارُ بِهِ ضَرُورَةً حينَ اجْتَمَعَتْ في الأصلِ عَلى‏ تَصدِيقِ الكِتابِ، فَإنْ هي جَحَدَتْ وأنْكَرَتْ لَزِمَها الخُرُوجُ مِنَ المِلَّةِ .
فأوَّلُ خَبَرٍ يُعْرَفُ تَحقيقُهُ مِنَ الكِتابِ وَتَصدِيقُهُ وَالتِماسُ شَهادَتِه عَلَيْهِ خَبَرٌ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله وَوُجِدَ بِمُوافَقَةِ الكِتابِ وَتَصدِيقِه بِحَيْثُ لا تُخالِفُهُ أقاوِيلُهُمْ ؛ حَيثُ قالَ : إنِّي مُخَلِّفٌ فيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتابَ اللَّهِ وَعِتْرَتي أهْلَ بَيْتي، لَنْ تَضِلُّوا ما تَمَسَّكتُم بِهِما، وَإِنَّهُما لَنْ يفترقا حتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ . فَلَمّا وَجَدْنا شَواهِدَ هذا الحَدِيثِ في كِتابِ اللَّهِ نَصّاً مِثلَ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَلِبُونَ )۱ .
وَرَوَتِ العامَّةُ في ذلِكَ أخباراً لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام أنَّهُ تَصَدَّقَ بِخاتَمِه وَهُو راكِعٌ، فَشَكَرَ اللَّهُ ذلِكَ لَهُ وأنْزَلَ الآيةَ فيهِ، فَوَجَدْنا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله قَد أتى بِقَولِهِ : مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَليُّ مَولاهُ، وَبِقَولِهِ : أنتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هارُونَ مِن مُوسى إِلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدِي . وَوَجَدْناهُ يَقُولُ : عَليٌّ يَقْضي دَيْني، و يُنْجِزُ مَوْعِدِي، وَهُوَ خَليفَتي عَلَيْكُم مِنْ بَعْدِي.
فَالخَبَرُ الأَوَّلُ الَّذِي اسْتُنبِطَتْ مِنهُ هذِهِ الأَخبارُ خَبَرٌ صَحيحٌ مُجمَعٌ عَلَيهِ لَا اختِلافَ فيهِ عِندَهُم، وَهُوَ أيضاً مُوافِقٌ لِلْكِتابِ ؛ فَلَمّا شَهِدَ الكِتابُ بِتَصدِيقِ الخَبَرِ وَهذِهِ الشَّواهِدُ الاُْخَرُ لَزِمَ عَلَى الاُمَّةِ الإقرارُ بِها ضَرُورَةً؛ إِذ كانَتْ هذِهِ الأخبارُ شَواهِدُها مِنَ القُرآنِ ناطِقَةٌ، وَوافَقَتِ

1.المائدة: ۵۶.


في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر
100

بيّن المراد من العترة، وأوضح ذلك في المجلس بعد قوله صلى اللَّه عليه و آله «إنِّي تارِكٌ فِيكُم...»، ولم يدعه مجملاً، ولم يتركه مهملاً، حتّى يقع إشكال في تعيينه وتبيينه، ويحتاج إلى التحقيق، كما فعله علماء العامّة، وسوف نتكلّم في العترة فانتظر.
وعن كمال الدين ، ومعاني الأخبار ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام، وقصص الأنبياء ، عن الإمام الحسين عليه السلام : «سُئِلَ أميرُ المُؤمِنينَ - صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ - عَن مَعنى‏ قَولِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله : إنّي مُخَلِّفٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ؛ كِتابَ اللَّهِ وعِترَتي ، مَنِ العِترَةُ ؟
فَقالَ : أنَا ، وَالحَسَنُ ، وَالحُسَينُ ، وَالأَئِمَّةُ التِّسعَةُ مِن وُلدِ الحُسَينِ ، تاسِعُهُم مَهدِيُّهُم وقائِمُهم ، لا يُفارِقونَ كِتابَ اللَّهِ ولا يُفارِقُهُم ، حَتَّى‏ يَرِدوا عَلى‏ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله حَوضَهُ ».1

و عن عيون أخبار الرضا عليه السلام، والأمالي للصدوق ، وتحف العقول ، وبشارة المصطفى، عن الريّان بن الصلت : حَضَرَ الرضا عليه السلام مَجلِسَ المَأمونِ بِمَروٍ ، وقَدِ اجتَمَعَ في مَجلِسِهِ جَماعَةٌ مِن عُلَماءِ أهلِ العِراقِ وخُراسانَ ، ... قالَ المَأمونُ : مَنِ العِترَةُ الطاهِرَةُ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : «الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ في كِتابِهِ ، فَقالَ عزّ وجلّ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) 2، وهُمُ الَّذينَ قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله : إنّي مُخَلِّفٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ : كِتابَ اللَّهِ ، وعِترَتي أهلَ بَيتي ؛ ألا وإنَّهُما لَن يَفتَرِقا ، حَتّى‏ يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ ، فَانظُروا كَيفَ تَخْلُفونّي‏3فيهِما ؛ أيُّهَا النّاسُ ، لا تُعَلِّموهُم؛ فَإِنَّهُم أعلَمُ مِنكُم».4
عن عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام في رسالته إلى الأهواز في الردّ على أهل الجبر والتفويض و إثبات العدل و المنزلة بين المنزلتين: «مِن عَلِيِّ بنِ مُحَمّدٍ : ... اِعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أنّا نَظَرْنا في الآثارِ وَكَثْرَةِ ما جاءَت بِهِ الأَخبارُ، فَوَجَدْناها عِنْدَ جَميعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الإسلامَ مِمّنْ يَعْقِلُ

1.كمال الدين : ص ۲۴۰ ح ۶۴ ، معاني الأخبار : ص ۹۰ ح ۴ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۵۷ ح ۲۵ ، قصص الأنبياء : ص ۳۶۰ ح ۴۳۵ كلّها عن غياث بن إبراهيم عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۲۳ ص ۱۴۷ ح ۱۱۰ .

2.الأحزاب : ۳۳ .

3.في المصدر : «تخلفون» ، والتصويب من الأمالي .

4.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۲۲۹ ح ۱ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۱۵ ح ۸۴۳ ، تحف العقول : ص ۴۲۵ ، بشارة المصطفى : ص ۲۲۸ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۲۲۰ ح ۲۰ .

  • نام منبع :
    في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1391
    نوبت چاپ :
    اول
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000
تعداد بازدید : 94927
صفحه از 260
پرینت  ارسال به