103
في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر

النارَ، فمَن أرادَ منْكُم أنْ يتَخلَّصَ مِن هَوْلِ ذلك اليَومِ فَليَتَولَّ وَلِيِّي، وَليَتَّبِع وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي مِن بَعْدي عليَّ بن أبي طالِب».1

تذييل :

العترة في اللغة: النسل، وأخصّ الأرقاب، والرهط الأدنون، وأهل بيتي بدله أو بيانه.
وأمّا المقصود منهم في الحديث فهم أهل بيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، وأبواب علمه، ومعادن حكمته، ومواضع، سرّه وجبال دينه، العالمون بكتاب اللَّه وسنّة نبيّه، الذين أذهب اللَّه - تبارك وتعالى - عنهم الرجس وطهّرهم عن الرجز، وعلّمهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله علمه، وأودعهم جميع ما يحتاج إليه الاُمّة إلى يوم القيامة حتّى أرش الخدش؛ كما ورد في الأخبار المتواترة والآثار المتكاثرة، وقال به جُلّ علماء الجمهور، واتّفق عليه علماؤنا كلاًّ وطُرّاً.
ويشهد عليه فقرات الحديث؛ لأنّ مَن جعله صلى اللَّه عليه و آله مقروناً بالكتاب إلى يوم المعاد، وكان التمسّك به كالتمسّك بالقرآن مانعاً من الضلال، ونصّ بأنّهم أحلم الناس كباراً وأعلمهم صغاراً،۲ وصرّح بأنّه لا تعلِّموهم فإنّهم أعلم منكم، وأنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، لا يكون إلّا من كان جامعاً لجميع العلوم الشرعيّة، ووافقاً بعموم الأسرار الدينيّة، مصوناً عن الخطإ والخطل، معصوماً عن المعصية والزلل في القول والعمل، ولم يدع هذه المرتبة الرفيعة والمقام المحمود أحد من أقاربه إلّا الأئمّة الهداة والقادة الدعاة وسفن النجاة، فليس لأحد أن يتفوّه بأنّه صلى اللَّه عليه و آله أثبت هذا المنصب الجليل والشرف الجميل لجميع أقربائه وأولاده، وفيهم الفسّاق والجهّال؛ لأنّه لا يجوز له صلى اللَّه عليه و آله أن يأمر الاُمّة باتّباع من يجهل أو يخطأ أو يعصي، خصوصاً في الأحكام الإلهيّة ولو في مورد.۳
قال الفخر الرازي في تفسيره عند تفسير الآية الكريمة: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنكُمْ)۴:

1.الأمالي للصدوق: ص ۲۸۰ ح ۹، بحار الأنوار: ج ۳۸ ص ۹۹ ح ۱۸.

2.ما في الحديث: أحلَمُ الناسِ صِغاراً ، وأعلَمُ الناسِ كِباراً (راجع: كمال الدين : ص‏۲۵۴ ح ۳ ).

3.راجع: جامع أحاديث الشيعة: ج ۱ ص ۴۳ - ۴۵.

4.النساء: ۶۹.


في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر
102

القُرآنَ وَالقُرآنُ وافَقَها . ثُمَّ وَرَدَت حَقائِقُ الأَخبارِ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله عَنِ الصادِقينَ عليهما السلام، وَنَقَلَها قَومٌ ثِقاتٌ مَعرُوفُونَ، فَصارَ الاقتِداءُ بِهذِهِ الأخبارِ فَرضاً واجِباً عَلى‏ كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ، لا يَتَعَدَّاهُ إلّا أهلُ العِنادِ ؛ وَذلِكَ أنَّ أقاويلَ آلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله مُتَّصِلَةٌ بِقَولِ اللَّهِ، وذلِكَ مِثلُ قَولِهِ في مُحكَم كِتابِهِ : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِيناً )1، وَ وَجَدنا نَظيرَ هذِهِ الآيَةِ قَولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله : مَنْ آذى عَلِيّاً فَقَدْ آذاني، وَمَن آذاني فَقَد آذَى اللَّهَ، وَمَن آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أن يَنتَقِمَ مِنهُ. وكَذلِكَ قَولُهُ صلى اللَّه عليه و آله : مَن أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَد أحَبَّني، وَمَن أَحَبَّني فَقَد أَحَبَّ اللَّهَ . وَمِثلُ...2».
وعن معاني الأخبار و الأمالي عن أبي بصير : قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام : مَن آلُ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه و آله ؟ قالَ : «ذُرِّيَّتُهُ ». فَقُلتُ : مَن أهلُ بَيتِهِ ؟ قالَ : «الأَئِمّةُ الأَوصِياءُ »، فَقُلتُ : مَن عِترَتُهُ ؟ قالَ : «أصحابُ العَباءِ ».
فَقُلتُ : مَن اُمَّتُهُ ؟ قالَ : «المُؤمِنونَ الَّذينَ صَدَّقوا بِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ اللَّهِ عزّ وجلّ ، المُتَمَسِّكونَ بِالثَّقَلَينِ اللَّذَينِ اُمِروا بِالتَّمَسُّكِ بِهِما : كِتابِ اللَّهِ عزّ وجلّ ، وعِترَتِهِ أهلِ بَيتِهِ ، الَّذينَ أذهَبَ اللَّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهيراً ، وهُمَا الخَليفَتانِ عَلَى الاُمَّةِ بَعدَهُ عليه السلام .3
وعن بصائر الدرجات، عن سَعدٍ الإِسكافِ : سَأَلتُ أبا جَعفَرٍ عليه السلام عَن قَولِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه و آله : «إنّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ، فَتَمَسَّكوا بِهِما؛ فَإِنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتّى‏ يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ »، فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام: «لا يَزالُ كتابُ اللَّهِ، والدَّليلُ مِنّا يَدُلُّ عَلَيهِ حَتّى‏ يَرِدا عَلَى الحَوض‏4».
وعن الأمالي، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن النبيّ صلى اللَّه عليه و آله في حديث قال : «واذْكُرُوا وُقُوفَكُم بَينَ يَدَيِ اللَّهِ عزّ وجلّ، فإنَّه الحَكَمُ العَدلُ، واستَعِدُّوا لِجَوَابِه إذا سَأَلَكُم؛ فإنَّه لابُدَّ سائِلُكُم عمَّا عَمِلْتُم بالثَّقَلَين مِن بَعْدِي كِتابَ اللَّهِ وعِتْرَتِي، فانْظُروا أنْ لا تَقُولوا : أمَّا الكِتابَ فَغَيَّرْنَا وحَرَّفْنا، وأمَّا العِترَةَ ففَارَقْنا وقَتَلْنا! فعِنْدَ ذلك لا يكونُ جَزَاؤُكم إلّا

1.الأحزاب: ۵۷.

2.تحف العقول: ص‏۴۵۸، بحار الأنوار: ج‏۵ ص‏۶۸ ح‏۱. وراجع: الاحتجاج: ج‏۲ ص‏۴۸۷ ح‏۳۲۸.

3.معاني الأخبار : ص ۹۴ ح ۳ ، الأمالي للصدوق : ص ۳۱۲ ح ۳۶۲ .

4.بصائر الدرجات : ص ۴۱۴ ح ۶ .

  • نام منبع :
    في رحاب حديث الثقلين و احاديث اثني‌عشر
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1391
    نوبت چاپ :
    اول
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000
تعداد بازدید : 81493
صفحه از 260
پرینت  ارسال به