25 . سَعد بن أبي وَقَّاص (كان في المناشدة)۱
26 . الزُّبَير بن العَوَّام (كان في المناشدة)۲
1.سعد بن أبي وقّاص، يكنّى أبا إسحاق، واسم أبي وقّاص مالك بن وهيب الزهري القرشيّ، هو أحد العشرة المبشرة بالجنّة، أسلم قديماً وهو ابن سبع عشرة سنة، وقال: كنت ثالث الإسلام ، وأنا أوّل من رمى السهم في سبيل اللَّه. شهد المشاهد كلّها مع النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، وكان مستجاب الدعوة مشهوراً بذلك (الاستيعاب: ج ۲ ص ۶۰۷ الرقم ۹۶۳، تهذيب التهذيب: ج ۳ ص ۴۱۹ الرقم ۹۰۱، الإصابة: ج ۳ ص ۶۲)، تُخاف دعوته وترجى؛ لاشتهار إجابتها عندهم، و ذلك أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قال فيه: « اللهمّ سدّد رميته، وأجب دعوته» (المستدرك على الصحيحين: ج ۳ ص ۲۶).
قال قيس بن أبي حازم: كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت ، فرأيت قوماً مجتمعين على فارس قد ركب دابّةً وهو يشتم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد بن أبي وقّاص، فوقف عليهم. فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يشتم عليّ بن أبي طالب. فتقدّم سعد، فأخرجوا له حتّى وقف عليه فقال: يا هذا، على ما تشتم عليّ بن أبي طالب؟ ألم يكن أوّل من أسلم، ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، ألم يكن أزهد الناس، ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتّى قال: ألم يكن ختن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على ابنته، ألم يكن صاحب راية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في غزواته؟ ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهمّ إنّ هذا يشتم وليّاً من أوليائك، فلا تفرّق هذا الجمع حتّى تريهم قدرتك. قال قيس: فواللَّه ما تفرّقنا حتّى ساخت به دابّته، فرمته على هامّته في تلك الأحجار فانفلق دماغه. (المستدرك على الصحيحين: ج ۳ ص ۵۰). روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين، وله أخبار كثيرة . ومن حديثه ما روى عن عبد اللَّه بن الأرقم قال: أتينا المدينة أنا واُناس من أهل الكوفة، فلقينا سعد بن أبي وقّاص فقال : لا أزال اُحبّه (يعني عليّاً) بعد ثلاث سمعتهنّ من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر بالبراءة، ثمّ بعث عليّاً فأخذها منه، فرجع أبو بكر كابتاً فقال: يا رسول اللَّه فقال: «لا يؤدّي عنّي إلّا رجل منّي». قال: وسُدّت أبواب الناس التي كانت تلي المسجد غير باب عليّ ، فقال العبّاس : يا رسول اللَّه، سددت أبوابنا، وتركت باب عليّ وهو أحدثنا! فقال: «إنّي لم أسكنكم ولا سددت أبوابكم ، ولكنّي اُمرت بذلك» (خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ص ۷۵، السنن الكبرى: ج ۵ ص ۱۱۹ ح ۸۴۲۵؛ علل الشرائع: ص ۲۰۱ ح ۱، مناقب أمير المؤمنين لسليمان الكوفيّ: ص ۴۷۲ ح ۳۷۳)، وقال في غزوة تبوك «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّك لست بنبيّ (صحيح البخاري: ج ۵ ص ۱۲۹؛ معانى الأخبار: ص۷۸ ح ۲).
2.الزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، واُمّه صفيّة بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، كان يكنّى أبا عبد (الطبقات الكبرى: ۳ ص ۱۰۰، الإصابة: ج ۲ ص ۴۶۱ - ۴۵۷ الرقم ۲۷۹۶)، و أسلم هو قديماً وهو ابن ستّ عشرة سنةً فعذّبه عمّه(صفيّة بنت عبد المطّلب) بالدخان ليترك الإسلام فلم يفعل. وشهد المشاهد كلّها مع النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، وهو أوّل من سلّ السيف في سبيل اللَّه، وثبت مع النبيّ صلى اللَّه عليه وآله يوم اُحد، وهو أحد العشرة المبشرة بالجنّة. قتله عمر بن جرموز بسَفَوان من أرض البصرة، سنة ستّ و ثلاثين، وله أربع وستون سنة ، ودفن بواد السباع، ثمّ حول إلى البصرة، وقبره مشهور بها. له ترجمة أيضاً في الطبقات الكبرى (ج ۳ ص ۱۰۶ - ۱۰۰)، آخى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بينه وبين طلحة. و في الاستيعاب (ج ۱ ص ۵۶۰) قال ابن عبد البر: شهد الزبير الجمل فقاتل فيه ساعةً، فناداه عليّ - كرّم اللَّه وجهه - وانفرد به، فذكره أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: «أما إنّك ستقاتل عليّاً وأنت له ظالم»، فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال.
ومن أخباره عن المستدرك على الصحيحين ومن غيره: عن أبي جروة المازني ، قال: سمعت عليّاً - وهو يناشد الزبير - يقول له: «نشدتك باللَّه يا زبير! أما سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يقول: إنّك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قال: بلى ، ولكن نسيت. وقال قيس بن أبي حازم: قال عليّ - كرم اللَّه وجهه - للزبير: «أما تذكر يوم كنتُ أنا وأنت، فقال لك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: أتحبّه؟ فقلت: ما يمنعني؟ قال: أما إنّك ستخرج عليه وتقاتله وأنت ظالم» قال : فرجع الزبير(ج۳ ص ۳۶۷)، وفي هذا الباب أخبار كثيرة.