تعرفونهم أو تجدونهم إلّا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وبرأهم من الآفات، وافترض مودّتهم في الكتاب؟۱
وقال القندوزي نقلاً عن المناقب، عن عبد اللَّه بن الحسن المثنّى بن الحسن المجتبى ابن عليٍّ المرتضى عليهم السلام، عن أبيه، عن جدّه الحسن السبط : «خطب جدّي صلى اللَّه عليه و آله يوماً، فقال بعد ما حمد اللَّه وأثنى عليه :
معاشِرَ الناس، إنِّي اُدعى فَاُجيبُ ، وإِنّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ : كِتابَ اللَّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي ، إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلّوا ، وإنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ، فَتَعَلَّموا مِنهُم ولا تُعَلِّموهُم ؛ فَإِنَّهُم أعلَمُ مِنكُم ، لا تَخلُو الأَرضُ مِنهُم ، ولَو خَلَت إذاً لَساخَت۲بِأَهلِها.
ثمّ قال : اللهُمَّ بلى لا تَخلُو الأرضُ من حجّة على خلقك؛ لِئلّا تَبطُلَ حُجَّتُكَ ، ولا تَضِلَّ أولياؤكَ بعد إذْ هَدَيتَهُم، اُولئِكَ الأَقَلّونَ عَدَداً ، وَالأَعظَمونَ عِندَ اللَّهِ قَدراً .
لَقَد دَعَوتُ اللَّهَ - تَبارَكَ وتَعالى - أن يَجعَلَ العِلمَ والحِكمَةَ في عَقِبي وعَقِبِ عَقِبي ، وفي زَرعي وزَرعِ زَرعي إلى يَومِ القِيامَةِ ، فَاستُجيبَ لي۳».
ب : ثقالة التمسك بهما والعمل بما يتلقى عنهما، ورعاية حقوقهما على الناس؛ لأنّهما يأمران بالعبوديّة والإخلاص للَّه تعالى ومخالفة الهوى والعدل والإحسان، وينهيان عن الفحشاء والمنكر وعن متابعة النفس والشيطان وعن الظلم والعدوان.
قال ابن الأثير في النهاية : سمّاها ثقلين؛ لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل۴.
وعن الأزهري في تهذيب اللغة، ومحمّد بن مكرم بن منظور الإفريقيّ المصري في لسان العرب،۵ وأبي عبد اللَّه محمّد بن خلفة المالكيّ في إكمال المعلّم،۶ وأبي عبد اللَّه محمّد
1.الصواعق المحرقة: ص ۱۵۰ ؛ و راجع: جامع أحاديث الشيعة: ج ۱ ص۴۰.
2.ساخت بهم الأرض : انخسفت (لسان العرب : ج ۳ ص ۲۷ «سيخ») .
3.ينابيع المودّة : ج ۱ ص ۷۴ ح۹ وراجع: كفاية الأثر : ص ۱۶۵، بحار الأنوار : ج ۳۶ ص ۳۳۸ ح ۲۰۱ .
4.النهاية في غريب الحديث: ج ۱ ص ۲۱۶.
5.لسان العرب: ج ۱۱ ص ۸۸.
6.محمّد بن خلفة بن عمر الآبي الوشتانيّالمالكيّ من أهل تونس نسبته إلى «آبة» من قراها، وله إكمال إكمال المعلّم لفوائد كتاب مسلم (الأعلام للزركلي: ج ۶ ص ۱۱۵).