البکاء (تفصیلی) - الصفحه 9

والملاحظة الجديرة بالاهتمام أنّ الإنسان لا يستطيع البكاء عندما يبلغ به الحزن غايته ، كما جاء في الحكَم المنسوبة إلى الإمام علي عليه السلام :
إذا تَناهَى الغَمُّ انقَطَعَ الدَّمعُ . ۱
وعلى هذا الأساس ، فإنّ من الواجب الاستعانة بالبكاء ـ كعلاجٍ ـ للتقليل من شدّة الحزن والوَجد قبل أن يبلغ هذه المرحلة الخطيرة ، واستناداً إلى الرواية التي نقلها الكليني رحمه الله عن منصور الصيقل حيث يقول :
شَكَوتُ إلى أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام وَجدا وَجَدتُهُ عَلَى ابنٍ لي هَلَكَ ، حَتّى خِفتُ عَلى عَقلي .
فَقالَ : إذا أصابَكَ مِن هذا شَيءٌ فَأَفِض مِن دُموعِكَ ؛ فَإِنَّهُ يَسكُنُ عَنكَ . ۲

3 . البكاء المفيد والمطلوب

رغم أنّ البكاء حاجة طبيعية إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ الإنسان له الحقّ في أن يؤمّن هذه الحاجة بأيّ طريقة ، كما هو الحال بالنسبة إلى تأمين الحاجات الاُخرى . ولذلك فإنّ الإسلام الذي هو دين الفطرة دلّ على طريق تأمين هذه الحاجة كما حدّد الطرق المنحرفة .
وما جاء في الفصل الأوّل من هذا الباب تحت عنوان «البكاء المذموم» ۳ مثل : البكاء الناجم عن الخدعة ، الجهل والعجز وغير ذلك ، هو في الحقيقة إشارة إلى نفس تلك الطرق المنحرفة ، وما جاء في الفصل الثاني تحت عنوان «البكاء الممدوح» ۴ ، مثل : البكاء على نقاط الضعف والأخطاء ، البكاء على فقدان الأب ،

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۲۰ ص ۲۹۵ ح ۳۷۱ .

2.راجع : ص ۴۱ ح ۹۹۷۴.

3.راجع: ص ۲۱ ( الفصل الأوّل: البكاء المذموم ).

4.راجع: ص ۲۵ ( الفصل الثاني: البكاء الممدوح ).

الصفحه من 142