وبناء على ذلك ، يمكن القول إن البلاء الإلهي في مفهوم القرآن والحديث هو إعداد الأرضية لتكامل الإنسان أو انحطاطه اختيارياً ۱ .
حكمة الابتلاء الإلهي
من خلال التأمل في معنى الابتلاء الإلهي تتّضح لنا حكمته أيضاً ، فالحكمة من الاختبار والهدف الرئيس منه هما نموّ قدرات الإنسان وازدهارها ، نعم قد يسيء الإنسان استغلال إرادته فيفشل في هذا الاختبار ويسلك طريق الانحطاط بدلاً من طريق التكامل ، وبناء على ذلك ، فإن ماجاء في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة حول الحكمة من الابتلاء الإلهي ، مثل : ظهور الاعتقاد القلبي بالإسلام ومدى خلوصه وقوته ، اتضاح التقوى ومستوى خلوصها وثباتها ، انكشاف التقوى ومدى طاعة اللّه تعالى ، تعيين الأشخاص الذين يتمتعون بكمالات أكثر وما إلى ذلك ۲ . . . كل ذلك منصب بلحاظ الهدف الرئيس من الاختبار الإلهي ، أي التكامل الاختياري للإنسان .
الابتلاء ، سنّة إلهيّة شاملة ومستمرّة
يتّضح من خلال الأخذ بنظر الاعتبار معنى الابتلاء الإلهي وحكمته ، أنّ جميع الكائنات التي تتمتع بالإرادة والاختيار ، ويكون تكاملها اختيارياً ، ليس أمامها من طريق سوى الاختبار والابتلاء بغية بلوغ الهدف من خلقها . ولذلك ، فإن الاختبار هو من جملة السنن الإلهية الأكيدة والشاملة ۳ . يقول القرآن الكريم حول جريان
1.جدير ذكره أنّ هذا المعنى ، هو الحكمة الرئيسية من الابتلاء الإلهي ، وهناك حكم اُخرى أيضاً يمكن أن تترتب عليه وهي حكم فرعية ، مثل بيان مرتبة الإنسان الكامل ، أو إبليس بالنسبة إلى الملائكة .
2.راجع : ص ۱۶۷ ( الفصل الثاني : حكمة البلاء ) .
3.راجع : ص ۱۰۱ ( الفصل الأول : الابتلاء سنة من سنن اللّه عز و جل ) .