وفي رواية اُخرى عن يونس عنه عليه السلام قالَ : لا يكونُ إلّا ما شاءَ اللَّهُ وأرادَ وقَدَّرَ وقَضى . قلتُ : فما مَعنى شاءَ ؟ قالَ : ابتِداءُ الفِعلِ ، قلتُ : فما مَعنى أرادَ ؟ قالَ : الثُّبوتُ علَيهِ . قلتُ : فما مَعنى قَدَّرَ ؟ قالَ : تَقديرُ الشيءِ مِن طُولِهِ وعَرضِهِ . قلتُ : فما مَعنى قَضى ؟ قالَ : إذا قَضى أمضى ، فذلكَ الذي لا مَرَدَّ لَهُ .
وفي التَّوحيد عن الدَّقّاقِ عن الكُلَينيِّ عن ابنِ عامرٍ عنِ المُعَلّى ، قالَ : سُئلَ العالِمُ عليه السلام : كيفَ عَلِمَ اللَّهُ ؟ قالَ : عَلِمَ وشاءَ وأرادَ وقَدَّرَ وقَضى وأمضى ، فَأمضى ما قَضى ، وقَضى ما قَدَّرَ ، وقَدَّرَ ما أرادَ ، فَبِعِلمِهِ كانَتِ المَشيّةُ ، وبمَشيَّتِهِ كانتِ الإرادَةُ ، وبإرادَتِهِ كانَ التَّقديرُ ، وبتَقديرِهِ كانَ القَضاءُ ، وبقَضائهِ كانَ الإمضاءُ ، فالعِلمُ مُتَقدِّمٌ علَى المَشيَّةِ ، والمَشيَّةُ ثانيَةٌ ، والإرادةُ ثالثَةٌ ، والتَّقديرُ واقِعٌ علَى القَضاءِ بالإمضاءِ . فَلِلهِ تبارَكَ وتعالى البَداءُ فيما عَلِمَ مَتى شاءَ وفيما أرادَ لِتَقديرِ الأشياءِ ، فإذا وَقَعَ القَضاءُ بالإمضاءِ فلا بَداءَ ، الحديث.
والذي ذكره عليه السلام من ترتّب المشيّة علَى العلم والإرادة علَى المشيّة ، وهكذا ترتّب عقليّ بحسب صحّة الانتزاع.
وفيه بإسناده عن ابن نُباتَة قال : إنّ أميرَ المؤمنينَ عليه السلام عَدَلَ مِن عِندِ حائطٍ مائلٍ إلى حائطٍ آخَرَ ، فقيلَ لَهُ : يا أميرَ المؤمنينَ ، تَفِرُّ مِن قَضاءِ اللَّهِ ؟ ! قالَ : أفِرُّ مِن قَضاءِ اللَّهِ إلى قَدَرِ اللَّهِ عَزَّوجلَّ .
أقول : وذلك أنّ القدر لا يحتم المقدّر ، فمن المَرجوّ أن لا يقع ما قدّر ، أمّا إذا كان القضاء فلا مَدفع له ، والروايات في المعاني المتقدّمة كثيرة من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام .۱
3296 - كِتابَةُ القَضاءِ وَالقَدَرِ عَلَى الإنسانِ
۱۶۸۹۵.رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : يَدخُلُ المَلَكُ علَى النُّطفَةِ بعدَما تَستَقِرُّ في الرَّحِمِ بأربَعينَ لَيلةً فيَقولُ : يا رَبِّ ، ماذا ، أشَقِيٌّ أم سَعيدٌ ؟
1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۳/۷۲ - ۷۵ .